للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا إذا قالَ: «وعَهدِ اللهِ» أو «ومِيثاقِ اللهِ» عندَهم جَميعًا خِلافًا لأَبي حَنيفةَ ومُحمدٍ فإنَّهما قالَا: لا يَكونُ يَمِينًا؛ لأنَّ عَهدَ اللهِ هو أَمرُه، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ﴾ [يس: ٦٠]، وقالَ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ﴾ [طه: ١١٥]، فصارَ كأنَّه قالَ: «وأَمرِ اللهِ» (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ (والحَنابِلةُ في رِوايةٍ) إلى أنَّه إذا قالَ: «عليَّ عَهدُ اللهِ، ومِيثاقُه، وكَفالتُه، وأَمانتُه، لا فَعلتُ كذا»، أو قالَ: «وعَهدِ اللهِ، ومِيثاقِه، وكَفالتِه، وأَمانتِه، لأَفعلَنَّ كذا»، فإنْ نَوى به اليَمينَ .. فهو يَمينٌ، وإنْ نَوى به العِباداتِ التي أخَذَ اللهُ علينا العَهدَ بأَدائِها .. لَم يَكنْ يَمينًا؛ لأنَّه يَحتمِلُ أنْ يَكونَ ما أَوجبَه مِنْ فُروضٍ أنْ تُؤدَّى إليه، ويَحتمِلُ أنْ يُريدَ به ما أخَذَه اللهُ مِنْ الذُّريةِ في ظُهورِ الآباءِ مِنْ الاعتِرافِ به في قولِه تَعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ٧٢]، ويَحتمِلُ أنْ يُريدَ بها اليَمنَ، فلمَّا كانَ هنا يَحتمِلُ وُجوهًا وجَبَ أنْ يُرجعَ فيه إلى نِيتِه وإِرادتِه، فإنْ أَرادَ يَمينًا كانَت يَمينًا.


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٤٠)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٦)، و «الهداية» (٢/ ٧٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٠٩)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٩)، و «اللباب» (٢/ ٣٨٥، ٣٨٦)، و «المدونة الكبرى» (٣/ ١٠٣)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٧٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٧٥، ٢٧٦)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٧٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٥٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٥٨)، و «المغني» (٩/ ٤٠٠)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «المبدع» (٩/ ٢٥٦)، و «الإنصاف» (١١/ ٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٩٤)، و «جواهر العقود» (٢/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>