للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعالى لا لها وتَنبيهًا على شَرفِه، وللهِ تَعالى أنْ يُقسِمَ بما شاءَ مِنْ خَلقِه ولا وَجهَ للقِياسِ على إِقسامِه.

الثانِي: أنَّ في إِضمارِه القَسمَ بربِّ هذه المَخلوقاتِ، فقولُه تَعالى ﴿وَالصَّافَّاتِ﴾، ﴿وَالطُّورِ (١)﴾، ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)﴾، ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾، ﴿وَالْعَادِيَاتِ﴾ … أي: وربِّ الصافَّاتِ وربِّ الطورِ (١).

وأما ما ورَدَ أنَّه قالَ: «أَفلَحَ وأبِيه» فللعُلماءِ فيها ثَلاثةُ تَأويلاتٍ:

أحدُهما: أنَّها كَلمةٌ تَجري على اللِّسانِ لا يَقصِدُ بها اليَمينُ.

الثانِي: أنَّ هذه لَفظةٌ غيرُ مَحفوظةٍ في هذا الحَديثِ مِنْ حَديثِ مَنْ يَحتَجُّ به كما يَقولُ ابنُ عبدِ البَرِّ ، وقد رَوى هذا الحَديثَ مالكٌ وغيرُه عن أَبي سُهيلٍ لَم يَقولوا ذلك فيه، وقد رُويَ عن إِسماعيلَ بنِ جَعفرٍ هذا الحَديثُ وفيه: «أَفلحَ واللهِ إنْ صدَقَ» أو «دخَلَ الجَنةَ واللهِ إنْ صدَقَ» وهذا أَولى مِنْ رِوايةِ مَنْ رَوى «وأبِيه»؛ لأنَّها لَفظةٌ مُنكرَةٌ تَردُّها الآثارُ الصِّحاحُ (٢).

الثالِثُ: أنَّه لو ثبَتَ فالظاهِرُ أنَّ هذا كانَ قبلَ النَّهيِّ عنِ الحَلفِ بغيرِ اللهِ تَعالى؛ لأنَّ عُمرَ قد كانَ يَحلِفُ بها كما حلَفَ بها النَّبيُّ ثم نَهى عن الحَلفِ بها ولَم يَردْ بعدَ النَّهيِّ إِباحةٌ (٣).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٠٤)، و «عمدة القاري» (٢٣/ ١٧٥).
(٢) «التمهيد» (١٤/ ٣٦٧).
(٣) «المغني» (٩/ ٣٨٦)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٠٤)، و «عمدة القاري» (٢٣/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>