والبِساطُ يَجرِي في جَميعِ الأَيمانِ سَواءٌ كانَت باللهِ أو بطَلاقٍ أو بعِتقٍ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ لَم يَنوِ الحالفُ شَيئًا وعدِمتِ النِّيةُ نظَرْنا في سَببِ اليَمينِ وما أَثارَها لدِلالتِه على النِّيةِ فإذا حلَفَ لا يَأوي معَ امرَأتِه في هذه الدارِ نظَرْنا فإنْ كانَ سببُ يَمينِه غَيظًا مِنْ جهةِ الدارِ لِضررٍ لحِقَه منها أو منَّةٍ عليه بها اختَصَّت يَمينُه بها وإنْ كانَ لغيظٍ لحِقَه مِنْ المَرأةِ يَقتضِي جَفاءَها ولا أثرَ للدارِ فيه تَعلقَ ذلك بإِيوائِه معَها في كلِّ دارٍ وكذلك إذا حلَفَ لا يَلبسُ ثوبًا مِنْ غَزلِها فإنْ كانَ سببُه المُنيةَ عليه منها فكيفَما انتَفعَ به أو بثَمنِه حنِثَ، وإنْ كانَ سببُ يَمينِه خُشونَة غَزلِها ورَداءَته لَم يَتعَدَّ بيَمينِه لبسَه، ولأنَّ السببَ دَليلٌ على النِّيةِ فيَتعلَّقُ اليَمينُ به، وقد ثبَتَ أنَّ كَلامَ الشارعِ إذا كانَ خاصًّا في شيءٍ لسَببٍ عامٍّ تَعدَّى إلى ما يوجَدُ فيه السببُ كتَنصيصِه علةَ تَحريمِ التَّفاضلِ في أَعيانٍ سِتةٍ أثَبتَ الحُكمَ في كلِّ ما يوجَدُ فيه مَعناها كذلك في كَلامِ الآدمِيِّ مثلُه.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فأما إنْ كانَ اللَّفظُ عامًّا وللسببِ خاصًّا مثلَ مَنْ دُعيَ إلى غَداءٍ فحلَفَ لا يَتغدَّى أو حلَفَ لا يَقعدُ، فإنْ كانَت له نِيةٌ فيَمينُه على ما نَوى وإن لَم تَكنْ له نِيةٌ فكَلامُ أَحمدَ يَقتضِي رِوايتَينِ:
إِحداهُما: أنَّ اليَمينَ مَحمولةٌ على العُمومِ؛ لأنَّ أَحمدَ سُئلَ عن رَجلٍ حلَفَ لا يَدخلُ بَلدًا لظُلمٍ رآهُ فيه فزالَ الظُّلمُ، فقالَ: النَّذرُ يُوفَّى به يَعني: لا يَدخلُه.
(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٣٠٦، ٣٠٣٠٧)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٦٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤١٩، ٤٢٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٨٣)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ٢١٨، ٢١٩).