أَحدُها: أنْ يَنويَ بالعامِّ الخاصَّ: مثلَ أنْ يَحلفَ لا يَأكلُ لَحمًا ولا فَاكهةً ويُريدُ لَحمًا بعَينِه وفَاكهةً بعَينِها.
ومنها: أنْ يَحلفَ على فِعلِ شيءٍ أو تَركِه مُطلقًا ويَنويَ فِعلَه أو تَركَه في وقتٍ بعينِه مثلَ أنْ يَحلفَ «لا أَتغدَّى يَعني اليومَ أو آكُلنَّ يَعني الساعةَ».
ومنها: أنْ يَنويَ بيَمينِه غيرَ ما يَفهمُه السامِعُ منه كما ذكَرْنا في المَعاريضِ في مَسأَلةِ إذا تَأوَّلَ في يَمينِه فله تَأويلُه.
ومنها: أنْ يُريدَ بالخاصِّ العامَّ مثلَ أنْ يَحلفَ «لا شرِبتُ لفُلانٍ الماءَ مِنْ العَطشِ» يَنوي قطعَ كلِّ ما له فيه مِنةٌ أو لا يَأوي معَ امرَأتِه في دارٍ يُريدُ جَفاءَها بتَركِ اجتِماعِها معَه في جَميعِ الدُّورِ أو حلَفَ لا يَلبسُ ثوبًا من غَزلِها يُريدُ قَطعَ مِنتِها به فيَتعلَّقُ يَمينُه بالانتِفاعِ به أو بثَمنِه مما له فيه مِنةٌ عليه وبهذا قالَ مالكٌ.
وقالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: لا عِبرةَ بالنِّيةِ والسَّببِ فيما يُخالِفُ لَفظَه؛ لأنَّ الحِنثَ مُخالَفةُ ما عُقدَ عليه اليَمينُ واليَمينُ لفظه، فلو أَحنَثْناه على ما سِواه لأَحنَثْناه على ما نَوى لا على ما حلَفَ ولأنَّ النِّيةَ بمُجردِها لا تَنعقِدُ بها اليَمينُ فكذلك لا يَحنَثُ بمُخالَفتِها.
ولنا: إنَّه نَوى بكَلامِه ما يَحتَملُه ويَسوغُ في اللُّغةِ التَّعبيرُ به عنه فيَنصرفُ يَمينُه إليه كالمَعاريضِ، وبَيانُ احتِمالِ اللَّفظِ أنَّه يَسوغُ في كَلامِ العَربِ التَّعبيرُ بالخاصِّ عن العامِّ قالَ اللهُ تَعالى: ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣)﴾ [فاطر: ١٣]، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩)﴾ [النساء: ٤٩]، ﴿فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (٥٣)﴾ [النساء: ٥٣].