للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ قالَ: «كُنا نَعدُّ الذَّنبَ الذي لا كَفارة له اليَمينَ الغَموسَ. قيلَ: وما اليَمينُ الغَموسُ؟ قالَ: اقتِطاعُ الرَّجلِ مالَ أخِيه باليَمينِ الكاذِبةِ» (١).

ولأنَّها مِنْ الكَبائرِ، وكلُّ ما هو كَبيرةٌ مَحضةٌ لا تُناطُ بها العِبادةُ لما أنَّ أَسبابَ العِباداتِ لا بدَّ وأنْ تَكون أُمورًا مُباحةً كما عُرفَ في الأُصولِ والكَفارةِ عِبادةٌ حتى تَتأدَّى بالصَّومِ، ويُشتَرطُ فيها النِّيةُ فلا تُناطُ الغَموسُ بها، بخِلافِ المَعقودةِ؛ لأنَّها مُباحةٌ فجازَ أن تُناطَ بها العِبادةُ.

والقِياسُ أنَّها يَمينٌ على ماضٍ فلَم تَجبْ بها كَفارة كاللَّغوِ. ولأنَّها يَمينٌ مَحظورةٌ، فلِم تَجبُ بها كَفارة كاليَمينِ بالمَخلوقاتِ. قالوا: ولأنَّ اقتِرانَ اليَمينِ بالحِنثِ يَمنعُ مِنْ انعِقادِها؛ لأنَّ حُدوثَه فيها يَدفعُ عَقدهَا كالرَّضاعِ لما رفَعَ النِّكاحَ إذا طرَأَ مَنعُ انعِقادِه إذا تَقدَّمَ.

ولأنَّها يَمينٌ غيرُ مُنعقِدة فلا تُوجبُ الكَفارة كاللَّغوِ أو يَمينٍ على ماضٍ فأشبَهَت اللَّغو وبَيانُ كونِها غيرَ مُنعقِدة أنَّها لا تُوجبُ برًّا ولا يُمكنُ فيها، ولأنَّه قارَنَها ما يُنافِيها وهو الحِنثُ فلَم تَنعقِدْ كالنِّكاحِ الذي قارَنَه الرَّضاعُ ولأنَّ الكَفارة لا تَرفعُ إِثمَها فلا تُشرَعُ فيها، ودَليلُ ذلك أنَّها كَبيرةٌ فإنَّه يُروَى عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مِنْ الكَبائرِ الإِشراكُ باللهِ وعُقوقُ الوالدَينِ وقتلُ النَّفسِ واليَمينُ الغَموسُ» (٢).


(١) رواه البيهقي (١٩٦٦٨).
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>