للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُسنُّ حِنثُه وعليه الكَفارةُ؛ لأنَّ اليَمينَ والإِقامةَ عليها مَكروهانِ؛ لقولِه تَعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ [النور: ٢٢] الآية.

نزَلَت في الصِّديقِ وقد حلَفَ أنْ لا يَبَرَّ مِسطحًا فقالَ: بلى ورَبِّي وبَرَّه (١).

وَأُجيبَ عن حَديثِ الأَعرابيِّ الذي قالَ: «واللهِ لا أَزيدُ على هذا ولا أُنقِصُ» (٢) وأنَّ النَّبيَّ لَم يُنكِرْ عليه بأنَّ يَمينَه تَضمَّنَ طاعةً وهو امتِثالُ الأمرِ، ويَحتَملُ أنَّه سَبقُ لِسانِه إلى قولِه: «لا أَزيدُ» فكانَ من لَغوِ اليَمينِ.

واختُلفَ فيما لو حلَفَ لا يَأكلُ طَيبًا ولا يَلبَسُ ناعِمًا، فقيلَ: مَكروهٌ؛ لقولِه تَعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٢] الآية.

وقيلَ: طاعةٌ لِما عُرفَ مِنْ اختِيارِ السَّلفِ خُشونةَ العَيشِ.

وقيلَ: يَختلِفُ ذلك باختِلافِ أَحوالِ الناسِ وقُصودِهم وفَراغِهم للعِبادةِ واشتِغالِهم بالضِّيقِ والسَّعةِ، وهذا كما قالَ الرافِعيُّ الصَّوابُ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: إن كانَت اليَمينُ على فِعلِ مَكروهٍ أو تَركِ مَندوبٍ فحلُّها مَندوبٌ؛ لحَديثِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ سَمرةَ مَرفوعًا: «إذا حلَفتَ على يَمينٍ فرَأيتَ غيرَها خَيرًا منها، فكفِّرْ عن يَمينِك، وائتِ الذي هو خَيرٌ -وفي لفظٍ-


(١) أخرجه البخاري (٤٧٥٠)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١).
(٣) «روضة الطالبين» (٧/ ١٤٣)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٦)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٠٨)، و «طرح التثريب» (٧/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>