للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما في الشَّرعِ فقد عرَّفَها الفُقهاء بعدَّةِ تَعريفاتِ:

قالَ الحَنفيةُ: الأَيمان في الشَّرعِ عِبارةٌ عن عَقدٍ قَويٍ به عَزمُ الحالفِ على الفِعلِ أو التَّركِ.

وإنَّما سُميَ القَسمُ يَمينًا لوَجهينِ:

أَحدُهما: أنَّ اليَمين هي القُوةُ، والحالِفُ يَتقوَّى بالقَسمِ على الحَملِ أو المَنعِ.

والثانِي: أنَّهم كانُوا يَتماسَكونَ بأَيديهِم عندَ القَسمِ فسُميَت بذلك (١).

وقالَ الشافِعيةُ: تَحقيقُ ما يَحتمِلُ المُخالَفةَ أو تَأكيدُه بذِكرِ اسمِ اللهِ تَعالى أو صِفةٍ مِنْ صِفاتِه (٢).

وقيلَ: تَحقيقُ أمرٍ مُحتَملٍ سَواءٌ كانَ ماضيًا أو مُستَقبلًا نَفيًا أو إِثباتًا فيهما عالمًا به الحالِفُ أو جاهلًا فالمُرادُ احتِمالُ الصِّيغةِ في ذاتِها لأَمرِ غيرِ مُحققِ الوُجودِ أو العَدمِ فخرَجَ بالتَّحقيقِ لَغوُ اليَمين وبالمُحتمِلِ نحوُ «لأَموتَنَّ» لصِدقِه بتَحقيقِ وُقوعِه في عَدمِ تَصورِ الحِنثِ فيه أو «لأَصعَدنَّ السَّماءَ» لعَدمِ تَصورِ الحِنثِ فيه بذاتِه، فلا إِخلالَ فيه بتَعظيمِ اسمِه تَعالى (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: واليَمينُ: تَوكيدُ الحُكمِ المَحلوفِ عليه بذِكرِ مُعظَّمٍ على وَجهٍ مَخصوصٍ، فاليَمينُ وُجوابُها جُملتانِ تَرتَبطُ إِحداهما بالأُخرى ارتِباطَ جُملَتي الشَّرطِ والجَزاءِ، كقولِ: «أَقسَمتُ باللهِ لأَفعَلنَّ» (٤).


(١) «البحر الرائق» (٤/ ٣٠٠)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٥)، و «اللباب» (٢/ ٣٧٩).
(٢) «النجم الوهاج» (١٠/ ٧).
(٣) «تحفة المحتاج» (١١/ ٥٧١)، و «حاشية قليوبي» (٤/ ٦٦٧).
(٤) «المطلع على أبواب المقنع» ص (٣٨٧)، و «المبدع» (٩/ ٢٥٢)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٩٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>