للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُدفعُ للقاضِي معَ رِزقِه لمَن يَكونُ على بابِه مِنْ الوُكلاءِ؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى ذلك كما يُحتاجُ إلى العاملِ في الصَّدقاتِ» (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : «يَجوزُ للقاضِي أَخذُ الرِّزقِ، ورخَّصَ فيه شُريحٌ وابنُ سِيرينَ والشافِعيُّ وأَكثرُ أَهلِ العِلمِ.

ورُويَ عن عُمرَ أنَّه استعمَلَ زَيدَ بنَ ثابتٍ على القَضاءِ وفرَضَ له رِزقًا، ورزَقَ شُريحًا في كلِّ شَهرٍ مائةَ دِرهمٍ، وبعَثَ إلى الكُوفةِ عَمارًا وعُثمانَ بنُ حُنيفٍ وابنَ مَسعودٍ ورزَقَهم كلَّ يَومٍ شاةً، نِصفُها لعَمارٍ، ونِصفُها لابنِ مَسعودٍ وعُثمانَ، وكانَ ابنُ مَسعودٍ قاضيَهم ومُعلِّمَهم.

وكتَبَ إلى مُعاذِ بنِ جَبلٍ وأَبي عُبيدةَ حينَ بعثَهما إلى الشامِ: «أنِ انظُرا رِجالًا مِنْ صالِحي مَنْ قبلَكم فاستَعملُوهم على القَضاءِ وأوسِعُوا عليهم وارزُقوهم واكفُوهم مِنْ مالِ اللهِ».

وقالَ أَبو الخَطابِ: «يَجوزُ له أَخذُ الرِّزقِ معَ الحاجةِ، فأمَّا معَ عَدمِها فعلى وَجهينِ».

وقالَ أَحمدُ: ما يُعجبنِي أنْ يَأخذَ على القَضاءِ أَجرًا، وإنْ كانَ فبقَدرِ شُغلِه مِثلُ وَليِّ اليَتيمِ، وكانَ ابنُ مسعودٍ والحَسنُ يَكرهانِ الأَجرَ على القَضاءِ، وكانَ مَسروقٌ وعَبدُ الرَّحمنِ بنِ القاسمِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ لا يَأخذانِ عليه أَجرًا، وقالا: «لا نَأخذُ أَجرًا على أنْ نَعدلَ بينَ اثنَينِ».


(١) «البيان» (١٣/ ١٤، ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>