للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخالفةُ النصِّ يَبطلُ ظاهرًا وباطنًا وجَبَ أنْ يَكونَ فَسادٌ بشَهادةٍ مُوجبًا لإِبطالِه ظاهرًا وباطنًا.

فإنْ قيلَ: ما خالَفَ النصَّ لا يَكونُ حُكمًا.

قيلَ: وكذلك ما أَمضاه بشَهادةِ الزُّورِ لا يَكونُ حُكمًا، ولأنَّه حُكمٌ بشَهادةِ زُورٍ، فوجَبَ أنْ يَكونَ باطلًا كالحُكمِ بالقِصاصِ.

فأمَّا الجَوابُ عن حَديثِ عليٍّ مِنْ قَولِه: شاهِداكِ زوَّجاكِ، فمِن ثَلاثةِ أَوجهٍ:

أَحدُها: أنَّه مَجهولٌ عندَ أَصحابِ الحَديثِ، فكانَ أَسوأَ حالًا مما ضُعفَ إِسنادُه.

والثانِي: أنَّه لمْ يَعلمْ كذِبَ الشُّهودِ، فلمْ يُبطلْ شَهادتُهم، والخِلافُ إذا علِمَها.

والثالثُ: أنَّهم لا يَحملونَه على قَولِه: «شاهِداكِ زوَّجاكِ»، لأنَّهم يَجعلونَ الحاكمَ مُزوِّجًا لها دونَ الشاهدِ، وقد كانَ شُريحٌ يَقضي في أَيامِ عليٍّ، فإذا حكَمَ لرَجلٍ بشاهدينِ، قالَ له: «يا هذا إنَّ حُكمي لا يُبيحُ لك ما هو حَرامٌ عليكَ»، ولو خالَفَه عليٌّ فيه لأنكَرَه عليه.

وأمَّا الجَوابُ عن قياسِهم على شَهادةِ الصِّدقِ فهو استحالةُ الجَمعِ بينَهما بالقِبولِ؛ لقَبولِ الصِّدقِ وردِّ الكَذبِ ونُفوذِ الحُكمِ في الظاهرِ؛ لاستِوائِهما في الجَهلِ بالكَذبِ، ولو علِمَ لمَا نفَذَ في الظاهرِ كما لم يَنفذْ في الباطنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>