للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راجمًا أَحدًا بغيرِ بَينةٍ لرجَمْتُها» (١). مَوضعُ الدَّليلِ: أنَّه علِمَ أنَّها زَنتْ؛ لإِخبارِه أنَّها إنْ جاءَتْ به على نَعتِ كذا فهو مِنْ غيرِ زَوجِها، ثُم لمْ يَحكمْ بالحدِّ لعَدمِ البَينةِ.

وقالَ أَبو بَكرٍ الصِّديقُ : «لو رَأيتُ رَجلًا على حدٍّ لمْ أَحدَّه به أنا، ولم أَدعْ له أَحدًا حتى يَكونَ معي غيري» (٢).

وعن عِكرمةَ أنَّ عُمرَ بنَ الخَطابِ قالَ لعَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ: «أَرأيتَ لو رَأيتُ رَجلًا قتَلَ أو سرَقَ أو زَنى؟ قالَ: أَرى شَهادتَكَ شَهادةَ رَجلٍ مِنْ المُسلِمينَ. قالَ: أصبْتَ» (٣). ولا مُخالِفَ لهم مِنْ الصَّحابةِ نَعلمُه.

ولأنَّ حُقوقَ اللهِ تَعالى مَوضوعةٌ على التَّخفيفِ والمُسامحةِ لإِسقاطِها بالشُّبهةِ.

إلا في حدِّ القَذفِ خاصةً عندَ الحَنفيةِ؛ لأنَّ المُطالبةَ بإِقامتِه مِنْ حُقوقِ الآدميينَ، والمَعنى في سائرِ الحُدودِ أنَّ القاضِي وسائرَ المُسلِمينَ خَصمٌ فيها؛ إذ كانَتْ حقًّا للهِ تَعالى خالصًا، كالشُّهودِ أَنفسِهم، وكانَ القاضِي فيها بمَنزلةِ الشاهدِ (٤).


(١) أخرجه البخاري (٥٠٠٤).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٢٠٢٩٢).
(٣) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٢٠٢٩٣).
(٤) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «شرح مختصر الطحاوي» (٨/ ٥٤، ٥٥)، و «فتاوى السغدي» (٢/ ٧٨١)، و «الاختيار» (٢/ ١٠٥)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٣١٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٣٥، ٣٧)، و «التمهيد» (٢٢/ ٢١٦، ٢١٩)، و «الاستذكار» (٧/ ٩٣، ٩٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٣٥١، ٣٥٢)، و «البيان والتحصيل» (١٦/ ٣١٣)، و «الحاوي الكبير» (١٦/ ٣٢٢، ٣٢٣)، و «البيان» (١٣/ ١٠٢، ١٠٤)، و «المغني» (١٠/ ١٠١، ١٠٢)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «الطرق الحكمية» (٢٨٥، ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>