العِتقَ أو الطَّلاقَ، فإنِ استحلَفَه ومكَّنَه فسَقَ، وإنْ لمْ يَستحلفْه وقَفَ الحُكمُ، وإذا حكَمَ بعِلمِه سلِمَ مِنْ الأَمرينِ.
وسَواءٌ كانَ عِلمُه بذلك في زَمنِ وِلايتِه أو قبلَها فإنَّه يَقضي به عندَ أَبي يُوسفَ ومُحمدٍ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ، فيَقضي كما في حالِ وِلايتِه؛ لأنَّه يَعلمُ صَحةَ ذلك فجازَ له القَضاءُ به، كما لو علِمَه بعدَ وِلايتِه في عَملِه، والدَّليلُ على التَّسويةِ بينَ ما قبلَ الوِلايةِ وبعدَها: أنَّه لمَّا جازَ أنْ يَحكمَ في الجَرحِ والتَّعديلِ بعِلمِه قبلَ الوِلايةِ وبعدَها ولمْ يَجزْ أنْ يَحكمَ في الحُدودِ بعِلمِه قبلَ الوِلايةِ وبعدَها؛ وجَبَ أنْ يَكونَ ما عَداهما مُعتبَرًا بهما، إنْ جازَ الحُكمُ فيه بالعِلمِ استَوى ما علِمَه قبلَ الوِلايةِ وبعدَها كالجَرحِ والتَّعديلِ، وإنْ لمْ يَجزْ أنْ يَحكمَ فيه بالعِلمِ استَوى ما علِمَه قبلَ الوِلايةِ وبعدَها كالحُدودِ فبطَلَ بهذا الفَرقُ بينَ العِلمينِ.
وأمَّا عندَ الإِمامِ أَبي حَنيفةَ فإنَّه يَرى أنَّه لا يحَكمُ بعِلمِه إلا فيما علِمَه في زَمنِ وِلايتِه ومَحلِّها جازَ له أنْ يَقضي به، وأمَّا ما علِمَه قبلَ وِلايتِه أو في غيرِ مَحلِّ وِلايتِه لا يَقضي به عندَ أَبي حَنيفةَ؛ لأنَّه في غيرِ مِصرِه وغيرِ وِلايتِه شاهدٌ لا حاكمٌ، وشَهادةُ الفَردِ لا تُقبلُ، وصارَ كما إذا علِمَ ذلك بالبَينةِ العادلةِ ثُم ولِيَ القَضاءَ فإنَّه لا يَعملُ بها (١).
(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «شرح مختصر الطحاوي» (٨/ ٥٤، ٥٥)، و «فتاوى السغدي» (٢/ ٧٨١)، و «الاختيار» (٢/ ١٠٥)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٣١٤)، و «الحاوي الكبير» (١٦/ ٣٢٢، ٣٢٣)، و «البيان» (١٣/ ١٠٢، ١٠٤)، و «المغني» (١٠/ ١٠١، ١٠٢)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «الطرق الحكمية» (٢٨٥، ٢٨٨).