للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: «مَنْ ولِيَ القَضاءَ فكأنَّما ذُبحَ بغيرِ سَكينٍ» وفي لَفظٍ: «مَنْ جُعلَ قاضيًا بينَ الناسِ فقد ذُبحَ بغير سِكينٍ» (١).

قالَ الإِمامُ الخَطابيُّ : «مَعناه التَّحذيرُ مِنْ طَلبِ القَضاءِ والحِرصِ عليه، يَقولُ: مَنْ تصدَّى للقَضاءِ فقد تعرَّضَ للذَّبحِ فليَحذرْه وليتَوقَّه.

وقَولُه: «بغيرِ سِكينٍ» يَحتملُ وَجهينِ:

أَحدُهما: أنَّ الذَّبحَ إنما يَكونُ في ظاهرِ العُرفِ بالسِّكينِ فعدَلَ به عن غيرِ ظاهرِ العُرفِ وصرَفَه عن سَننِ العادةِ إلى غيرِها ليُعلمَ أنَّ الذي أرادَه بهذا القَولِ إنما هو ما يُخافُ عليه مِنْ هَلاكِ دينِه دونَ هَلاكِ بَدنِه.

والوَجهُ الآخرُ: أنَّ الذَّبحَ الوجيءَ الذي يَقعُ به إِزهاقُ الرُّوحِ وإِراحةُ الذَّبيحةِ وخَلاصُها مِنْ طُولِ الأَلمِ وشِدتِه إنَّما يَكونُ بالسِّكينِ لأنَّه يُجهزُ عليه، وإذا ذُبحَ بغيرِ السِّكينِ كانَ ذَبحُه خَنقًا وتَعذيبًا، فضرَبَ المَثلَ في ذلك ليَكونَ أَبلغَ في الحَذرِ والوُقوعِ فيه» (٢).

ورَوَتْ عائشةُ : أنَّ النَّبيَّ قالَ: «يُدعَى بالقاضِي العادلِ يَومَ القيامةِ فيَلقى مِنْ شِدةِ الحِسابِ ما يَتمنَّى أنَّه لمْ يَقضِ بينَ اثنينِ في عُمرِه» (٣).


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٧١، ٣٥٧٢)، والترمذي (١٣٢٥)، وابن ماجه (٢٣٠٨).
(٢) «معالم السنن» (٤/ ١٥٩، ١٦٠).
(٣) رواه ابن حبان في «صحيحه» (٥٠٥٥)، وضعفه العلامة الألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (١١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>