للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩]، وقَولُه: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ [النور: ٤٨]، وقَولُه تَعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ

فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا

تَسْلِيمًا (٦٥)[النساء: ٦٥].

وأمَّا السُّنةُ: فعن عَمرِو بن العَاصِ أنَّهُ سمِعَ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «إذا حكَمَ الحاكمُ فاجتهَدَ ثمَّ أصابَ فله أَجرانِ وإذا حكَمَ فاجتهَدَ ثُم أخطَأَ فله أَجرٌ» (١).

قالَ العُلماءُ: أجمَعَ المُسلمونَ على أنَّ هذا الحَديثَ في حاكمٍ عالمٍ أهلٍ للحُكمِ، فإنْ أصابَ فله أَجرانِ أَجرٌ باجتِهادِه وأَجرٌ بإِصابتِه، وإنْ أخطَأَ فله أَجرٌ باجتِهادِه، وفي الحَديثِ مَحذوفٌ تَقديرُه: إذا أرادَ الحاكمُ فاجتهدَ، قالوا فأمَّا مَنْ ليسَ بأَهلٍ للحُكمِ فلا يَحلُّ له الحُكمُ، فإنْ حكَمَ فلا أَجرَ له، بل هو آثمٌ ولا يَنفذُ حُكمُه سواءٌ وافَقَ الحَقَّ أم لا؛ لأنَّ إِصابتَه اتِّفاقيةٌ ليسَت صادرةً عن أَصلٍ شَرعيٍّ، فهو عاصٍ في جَميعِ أَحكامِه سواءٌ وافَقَ الصَّوابَ أم لا، وهي مَردودةٌ كلُّها ولا يُعذرُ في شيءٍ مِنْ ذلك، وقد جاءَ في الحَديثِ في السُّننِ: «القُضاةُ ثَلاثةٌ: قاضٍ في الجنةِ، واثنانِ في النارِ، قاضٍ عرَفَ الحَقَّ فقَضى به فهو في الجنةِ، وقاضٍ عرَفَ الحَقَّ فقَضى بخِلافِه فهو في النارِ، وقاضٍ قَضى على جَهلٍ فهو في النارِ» (٢) (٣).

وغيرُها مِنْ الأَحاديثِ التي ستَأتي معَنا.


(١) أخرجه البخاري (٦٩١٩)، ومسلم (١٧١٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٧٣)، والترمذي (١٣٢٢)، وابن ماجه (٢٣١٥).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١٢/ ١٣، ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>