للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَبلَغَه، هل يُصدَّقُ في القَليلِ والكَثيرِ أو لا يُصدَّقُ إلا إذا ذَكَرَ شَيئًا له قيمةٌ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ -واستَحسَنَه أكثَرُ المالِكيةِ- والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه إنْ أقَرَّ بمالٍ يَرجِعُ إلى تَفسيرِه، فإنْ فسَرَّه بالقَليلِ والكَثيرِ قُبِلَ قَولُه في تَفسيرِه؛ لأنَّ لَفظَه مُجمَلٌ، فإذا لم يَكنْ له تَقديرٌ في عُرفِ اللُّغةِ والشَّرعِ رُجِعَ في تَفسيرِه إليه كما لو قالَ: «عِندي شَيءٌ، أو حَقٌّ»، ولأنَّ القَليلَ يَدخُلُ تَحتَ الماليةِ، كما يَدخُلُ الكَثيرُ؛ لأنَّ كُلَّ ذلك مالٌ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَلزَمُه أقَلُّ نِصابٍ مِنْ نِصاباتِ الزَّكاةِ مِنْ أنواعِ أموالِهم؛ لأنَّ المالَ له تَقديرٌ في اللُّغةِ والشَّريعةِ، أمَّا في اللُّغةِ فإنَّهم لا يَعقِلونَ مِنْ قَولِهم: «فُلانٌ مِنْ أربابِ المالِ»، أنَّه يَملِكُ دانَقًا أو دِرهَمًا، وإنَّما يَعقِلونَ زيادةً على ذلك ببَيِّنةٍ، وأمَّا الشَّرعُ فقَد ثبَتَ أنَّ النِّصابَ مالٌ؛ لقَولِه : «لا زَكاةَ في مالٍ حتى يَحُولَ عليه الحَولُ»، فلم يَثبُتْ لما دونَه هذا الاسمُ يُوجِبُ صَرفَ الكَلامِ إليه.

فعلى هذا يَلزَمُه أقَلُّ ما يُسَمَّى نِصابًا مِنْ جِنسِ مالِ المُقِرِّ فيَلزَمُه عِشرونَ دينارًا إنْ كانَ مِنْ أهلِ الذَّهَبِ، ومِئَتا دِرهَمٍ إنْ كانَ مِنْ أهلِ الوَرِقِ،


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٧٦)، و «اللباب» (١/ ٤٥٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٨٧، ٨٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٩٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٩٨)، و «البيان» (١٣/ ٤٣٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٦٣، ٥٦٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٩٨، ١٠٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٤١، ٢٤٢)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٦١٣، ٦١٤)، و «المغني» (٥/ ١٠٩، ١١٠)، و «الكافي» (٤/ ٥٩١)، و «كشاف القناع» (٦/ ٦٠٦، ٦٠٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧٥٦، ٧٥٧)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>