للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتبعَّضُ، فإذا حُكمَ له ببَعضِها حُكمَ له بجَميعِها، وحُكمَ له بالحائِطِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه وضَعَ مِلكَه على مِلكِه.

وإنْ كانَ الجِدارُ غيرَ مُتَّصلٍ ببِناءِ أحَدِهما، وإنَّما هو حاجِزٌ زُجَّ بينَ مِلكَيهما، ويَداهما عليه، أو لا يدَ لأحَدِهما عليه ولا بيِّنةَ لأحَدِهما، حلَفَ كلُّ واحِدٍ منهما، فإنْ حَلَفا أو نَكَلا قُسمَ بينَهما، وإنْ حلَفَ أحَدُهما ونَكَلَ الآخَرُ كانَ الجَميعُ للحالِفِ. وهكذا إذا كانَ مُتَّصلًا ببِنائِهما. ولا تُرجَّحُ دَعوى مَنْ إليه داخِلُ الحائِطِ أو خارِجهُ، ولا مَنْ إليه مَعاقِدُ القُمُطِ؛ وهو: مَشادُّ خُيوطِ الخُصِّ. وبه قالَ أَبو حَنيفةَ.

وقالَ مالِكٌ وأبو يُوسفَ: (يُحكَمُ به لمَن إليه وَجهُ الحائِطِ ومَعاقِدُ القُمُطِ).

ودَليلُنا: أنَّ مَنْ إليه ذلك لا يَدلُّ على أنَّ له مِلكَ الحائِطِ، فلم يُرجَّحْ به دَعوى مَنْ هي إليه، كما لو كانَ إلى أحَدِهما النُّقوشُ والتَّجصيصُ.

وكذلك: إذا كانَ لأحَدِهما على الحائِطِ تَجصيصٌ أو نُقوشٌ؛ فإنَّه لا يُحكَمُ له بالحائِطِ بذلك؛ لأنَّه يُمكِنُ إِحداثُه بعدَ كَمالِ البِناءِ. وإنْ كانَ عليه لأحَدِهما جِذعٌ أو جُذوعٌ لم تُرجَّحْ بذلك دَعواه.

وقالَ مالِكٌ: (إذا كانَ لأحَدِهما جِذعٌ رُجِّحَت دَعواه، فيَحلِفُ على الحائِطِ أنَّه له).

وقالَ أَبو حَنيفةَ: (يُرجَّحُ بجِذعَينِ فما زادَ، ولا يُرجَّحُ بدونِ الجِذعَينِ).

دَليلُنا: أنَّ وَضعَ الجِذعِ مَعنًى حادِثٌ بعدَ تَمامِ الحائِطِ، فلم تُرجَّحْ به الدَّعوى، كالتَّجصيصِ والتَّزويقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>