فقالَ أَبو حَنيفةَ: إنْ كانَ عليه ثَلاثةُ جُذوعٍ فصاعِدًا، أو جِذعانِ رُجِّحَت دَعواه بذلك وقُضيَ له به، وإنْ كانَ له عليه جِذعٌ واحِدٌ لم يُرجَّحْ، وهو بينَهما.
وقالَ مالِكٌ: يُرجَّحُ دَعوى صاحِبِ الخَشبِ ويُقضَى له به سَواءٌ كانَ قَليلًا أو كَثيرًا، ولو كانَ له جِذعٌ واحِدٌ رُجِّحَت دَعواه.
وقالَ الشافِعيُّ وأَحمدُ: لا تَأثيرَ لصاحِبِ الخُشبِ ولا تُرجَّحُ دَعواه على الإِطلاقِ، ويَكونُ الحائِطُ بينَهما مُناصَفةً (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (وإذا تَداعَى نَفسانِ جِدارًا مَعقودًا ببِناءِ كلِّ واحِدٍ منهما، تَحالَفا، وكان بَينَهما، وكذلك إنْ كانَ مَحلولًا من بِنائِهما، وإنْ كانَ مَعقودًا ببِناءِ أحَدِهما كانَ له معَ يَمينِه.
وجُملةُ ذلك أنَّ الرَّجلَينِ إذا تَداعَيا حائِطًا بينَ مِلكَيهما وتَساوَيا في كَونِه مَعقودًا ببِنائِهما معًا وهو أنْ يَكونَ مُتَّصِلًا بهما اتِّصالًا لا يُمكِنُ إِحداثُه بعدَ بِناءِ الحائِطِ مِثلَ اتِّصالِ البِناءِ بالطِّينِ كهذه الحَظائِرِ التي لا يُمكِنُ إِحداثُ اتِّصالِ بَعضِها ببَعضٍ أو تَساوَيا في كَونِه مَحلولًا من بِنائِهما أو غيرَ مُتَّصِلٍ ببِنائِهما الاتِّصالَ المَذكورَ، بل بينَهما شَقٌّ مُستَطيلٌ، كما يَكونُ بينَ الحائِطَينِ اللذَينِ أُلصِقَ أحَدُهما بالآخَرِ فهما سَواءٌ في الدَّعوى.
فإنْ لم يَكنْ لواحِدٍ منهما بيِّنةٌ تَحالَفا فيَحلِفُ كلُّ واحِدٍ منهما على نِصفِ الحائِطِ أنَّه له، ويُجعَلُ بينَهما نِصفَينِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَدُه على نِصفِ الحائِطِ لكَونِ الحائِطِ في أيدِيهما.