للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه إذا أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بيِّنةً وتعارَضَت البَيِّنتانِ وقُسِّمَت العَينُ بينَهما نِصفَينِ؛ لحَديثِ أَبي هُرَيرةَ «أنَّ رَجلَينِ ادَّعَيا دابةً فأقامَ كلُّ واحِدٍ منهما شاهِدَينِ فقَضى رَسولُ اللهِ بينَهما نِصفَينِ» (١).

ولما رَوى أَبو موسى «أنَّ رَجلَينِ اختَصَما إلى رَسولِ اللهِ في بَعيرٍ فأقامَ كلُّ واحِدٍ منهما شاهِدَينِ فقَضى رَسولُ اللهِ بالبَعيرِ بينَهما نِصفَينِ» (٢).

ولأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما داخِلٌ في نِصفِ العَينِ خارِجٌ عن نِصفِها تُقدَّمُ بيِّنةُ كلِّ واحِدٍ منهما فيما في يَدِه عندَ مَنْ يُقدِّمُ بيِّنةَ الداخِلِ، وفيما في يَدِ صاحِبِه عندَ مَنْ يُقدِّمُ بيِّنةَ الخارِجِ فيَستَويانِ على كلِّ واحِدٍ من القَولَينِ.

اختُلفَ هل يَحلِفُ كلٌّ منهما على النِّصفِ المَحكومِ له به أو يَكونُ له من غيرِ يَمينٍ؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَحلِفُ؛ لأنَّ البَيِّنتَينِ لمَّا تعارَضَتا من غيرِ تَرجيحٍ وجَبَ إِسقاطُها كالخَبَرينِ إذا تعارَضا وتَساوَيا وإذا سقَطَا صارَ المُختلِفانِ كمَن لا بيِّنةَ لهما، ويَحلِفُ كلُّ واحِدٍ منهما على النِّصفِ المَحكومِ له به.

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في القَولِ الثانِي والحَنابِلةُ في الرِّوايةِ الثانيةِ إلى أنَّ العَينَ تُقسَّمُ بينَهما من غيرِ يَمينٍ لخَبَرِ أَبي هُرَيرةَ


(١) رواه ابن حبان في «صحيحه» (٥٠٦٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أَبو داود (٣٦١٣)، والنسائي (٥٤٢٤)، وابن ماجه (٢٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>