قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: إذا تَنازَعَ رَجلانِ في عَينٍ في يَدَيهِما فادَّعَى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّها مِلكُه دونَ صاحِبِه ولم تَكنْ لهما بيِّنةٌ حلَفَ كلُّ واحِدٍ منهما لصاحِبِه وجُعلَت بينَهما نِصفَينِ لا نَعلَمُ في هذا خِلافًا؛ لأنَّ يدَ كلِّ واحِدٍ منهما على نِصفِها والقَولُ قَولُ صاحِبِ اليَدِ معَ يَمينِه.
وإنْ نكَلا جَميعًا عن اليَمينِ فهي بينَهما أيضًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَستحِقُّ ما في يَدِ الآخَرِ بنُكولِه.
وإنْ نكَلَ أحَدُهما وحلَفَ الآخَرُ قُضيَ له بجَميعِها؛ لأنَّه يَستحِقُّ ما في يَدِه بيَمينِه، وما في يَدِ صاحِبِه إمَّا بنُكولِه وإما بيَمينِه التي رُدَّت عليه عندَ نُكولِ صاحِبِه.
وإنْ كانَت لأحَدِهما بيِّنةٌ دونَ الآخَرِ حُكمَ له بها، لا نَعلَمُ في هذا خِلافًا (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ أيضًا: وإذا كانَ في يدَيهما دارٌ فادَّعاها أحَدُهما كلَّها وادَّعى الآخَرُ نِصفَها ولا بيِّنةَ لهما فهي بينَهما نِصفانِ، نَصَّ عليه أَحمدُ وعلى مُدَّعي النِّصفِ اليَمينُ لصاحِبِه ولا يَمينَ على الآخَرِ؛ لأنَّ النِّصفَ المَحكومَ له به لا مُنازِعَ له فيه، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا، إلا أنَّه حُكيَ عن ابنِ شُبْرُمةَ أنَّ لمُدَّعي الكلِّ ثَلاثةَ أَرباعِها؛ لأنَّ النِّصفَ له لا مُنازِعَ فيه، والنِّصفَ الآخَرَ يُقسَّمُ بينَهما على حَسَبِ دَعواهما فيه.
ولنا: أنَّ يَدَ مُدَّعي النِّصفِ على ما يَدَّعيه فكانَ القَولُ قَولَه فيه معَ يَمينِه كسائِرِ الدَّعاوَى؛ فإنْ كانَ لكلِّ واحِدٍ منهما بيِّنةٌ بما يَدَّعيه فقد تعارَضَت
(١) «المغني» (١٠/ ٢٤٦، ٢٤٧)، و «البيان» (١٣/ ١٦٠، ١٦١).