للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقسَّمُ الثُّلثُ بينَهما نِصفَينِ، وكذا الغَريمانِ في التَّركةِ بخِلافِ النِّكاحِ؛ لأنَّه لا يَقبَلُ الاشتِراكَ فتَعيَّنَ التَّهاتُرُ، ولأنَّ البَيِّناتِ من حُججِ الشَّرعِ يَجبُ العَملُ بها ما أمكَنَ، وقد أمكَنَ هنا؛ لأنَّ الأَيديَ قد تَتوالَى في عَينٍ واحِدةٍ في أَوقاتٍ مُختلِفةٍ فيَعتمِدُ كلُّ فَريقٍ ما شاهَدَ من السَّببِ المُطلَقِ للشَهادةِ وهو اليَدُ فيُحكَمُ بالتَّنصيفِ بينَهما ولا يَجوزُ التَّرجيحُ بكَونِ الشُّهودِ أعدَلَ لحُصولِ المَقصودِ بالكلِّ وهو الامتِناعُ عن الكَذبِ، وكذا لا يَجوزُ التَّرجيحُ بكَثرةِ العَددِ؛ لأنَّ التَّرجيحَ يَكونُ بقُوةٍ في الدَّليلِ لا بكَثرَتِه (١).

وقَولُ المالِكيةِ كقَولِ الحَنفيةِ، إلا أنَّهم قالوا: تُقسَّمُ بينَهما بعدَ التَّحالُفِ على قَدرِ دَعواهما؛ لأنَّهما حُجتانِ تَعارَضَتا لو انفَردَ أحَدُ المُتداعِيَينِ بها لحُكمَ له بالمِلكِ، فوجَبَ إذا تَعارَضتا أنْ يُقسَّمَ الشَّيءُ بينَهما، أصلُه اليَدُ، ولأنَّهما قد تَساوَيا في سَببِ الاستِحقاقِ والشَّيءُ مما يَصحُّ فيه الاشتِراكُ فوَجَبَ القَضاءُ به لهما.

وقالَ أشهَبُ وسحنُونٌ والقاضِي عبدُ الوَهابِ: يُقسَّمُ بينَهما بالسَّويةِ حتى لو ادَّعى أحَدُهما نِصفَه والآخَرُ كلَّه (٢).


(١) «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٨/ ١٩١)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٣١٦)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٩٩)، و «اللباب» (٢/ ٤١٨).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٩٩، ١٠٠)، رقم (١٨٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ١٩٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٣٣)، و «القوانين الفقهية» ص (٢٠٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٥١، ١٥٢)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>