أمَّا القائِلونَ به؛ فإنَّهم تَعلَّقوا في ذلك بآثارٍ كَثيرةٍ، منها حَديثُ ابنِ عَباسٍ وحَديثُ أَبي هُرَيرةَ وحَديثُ زَيدِ بنِ ثابِتٍ وحَديثُ جابِرٍ إلا أنَّ الذي خرَّجَ مُسلِمٌ منها حَديثُ ابنِ عَباسٍ، ولَفظُه «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قَضى باليَمينِ معَ الشاهِدِ» أخرَجَه مُسلِمٌ ولم يُخرِّجْه البُخاريُّ.
وأمَّا مالِكٌ؛ فإنَّما اعتمَدَ مُرسَلَه في ذلك عن جَعفَرِ بنِ مُحمدٍ عن أَبيه أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قَضى باليَمينِ معَ الشاهِدِ؛ لأنَّ العَملَ عندَه بالمَراسيلِ واجِبٌ.
وأمَّا السَّماعُ المُخالِفُ لها فقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، قالوا: وهذا يَقتَضي الحَصرَ فالزِّيادةُ عليه نَسخٌ، ولا يُنسَخُ القُرآنُ بالسُّنةِ غيرِ المُتَواتِرةِ، وعندَ المُخالِفِ أنَّه ليسَ بنَسخٍ، بل زيادةٌ لا تُغيِّرُ حُكمَ المَزيدِ.
وأمَّا السُّنةُ فما خرَّجَه البُخاريُّ ومُسلِمٌ عن الأشعَثِ بنِ قَيسٍ قالَ:«كانَ بَيني وبينَ رَجلٍ خُصومةٌ في شَيءٍ فاختَصَمنا إلى النَّبيِّ ﵊ فقالَ: شاهِداك أو يَمينُه، فقُلتُ: إذَنْ يَحلِفُ ولا يُبالي، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ يَقتطِعُ بها مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ هو فيها فاجِرٌ لَقيَ اللهَ وهو عليه غَضبانُ» قالوا: فهذا منه ﵊ حَصرٌ للحُكمِ ونَقضٌ لحُجةِ كلِّ واحِدٍ من الخَصمَينِ ولا يَجوزُ عليه ﷺ ألَّا يَستَوفِيَ أَقسامَ الحُجةِ للمُدَّعي.