الحَسنِ بنِ عُبيدِ اللهِ، قالَ:«صلَّيتُ أنا وزِرٌّ، فأَمَّنِي، وفاتَتنا الجمُعةُ، فسأَلتُ إِبراهيمَ، فقالَ: فعَلَ ذلك عبدُ اللهِ بنُ عَلقَمةَ والأسوَدُ، قالَ سُفيانُ: ربَّما فَعَلتُه أنا والأعمَشُ»، وبه قالَ إياسُ بنُ مُعاوِيةَ، وأحمدُ بنُ حَنبَلٍ، وكانَ الشافِعيُّ يَقولُ: لا أكرَهُ جَمعَها، إلا أن يَجمِّعَها استِخفافًا بالجمُعةِ، أو رَغبةً عن الصَّلاةِ خلفَ الأئمَّةِ، وآمُرُ أهلَ السِّجنِ وأهلَ الصِّناعاتِ مِنْ العَبيدِ أن يُجمِّعُوا، وكانَ إِسحاقُ يَرى القَومَ يَفُوتُهم الجمُعةُ، أن يُصَلُّوا جَماعةً.
وقالَ إِسحاقُ وأبو ثَورٍ فيمَن حُبسَ والمَرضَى: لا بَأسَ أن يُصَلُّوا يومَ الجمُعةِ جَماعةً الظُّهرَ، وكانَ مالِكٌ يُرَخِّصُ لِأهلِ السِّجنِ والمُسافرِ والمَرضَى أن يُجَمِّعوا، واختَلفَ قولُه في القَومِ تَفوتُهم الجمُعةُ، فحَكى بِشرُ بنُ عمرَ عنه أنَّه قالَ: إن شاؤُوا صَلَّوا فُرادَى، وإن شاؤُوا جَماعةً، وحَكى ابنُ القاسِمِ عنه أنَّه قالَ: لا يُصلُّونَ إلا أَفذاذًا.
وكرِهَت طائِفةٌ أن يُصلِّيَ مَنْ فاتَتهُ الجمُعةُ جَماعةً، وممَّن رُويَ أنَّه كرِهَ ذلك الحَسنُ وأبو قِلابةَ، وهو قولُ الثَّورِيِّ والنُّعمانِ. قالَ أَبو بَكرٍ: لا معنَى لكَراهيةِ مَنْ كرِهَ ذلك، بل يُستحَبُّ ذلك، ويُرجى لمَن فعَلَ ذلك -ممَّن له عُذرٌ في التَّخلُّفِ عن الجمُعةِ- فَضلُ الجَماعةِ، أخبَرَنا الرَّبيعُ، قالَ: أخبَرَنا الشافِعيُّ، قالَ: أخبَرَنا مالِكٌ، عن أَبي الزِّنادِ، عن الأعرَجِ، عن أَبي هُريرةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ:«صَلاةُ الجَماعةِ أفضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ وَحدَه بخَمسٍ وعِشرِينَ جُزءًا»(١).