للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قد يَغلَطُ في النَّسخِ، فيَعتقدَ المُتأخرَ مُتقدِّمًا.

وقد يَغلَطُ في التَّأويلِ، بأنْ يَحملَ الحَديثَ على ما لا يَحتمِلُه لَفظُه، أو أنَّ هناك ما يَدفعُه.

وإذا عارَضَه من حيث الجُملةُ، فقد لا يَكونُ ذلك المُعارِضُ دالًّا، وقد لا يَكونُ الحَديثُ المُعارِضُ في قُوةِ الأولِ إِسنادًا أو مَتنًا.

وتَجيءُ هنا الأَسبابُ المُتقدِّمةُ، وغيرُها في الحَديثِ الأولِ.

والإِجماعُ المُدَّعى في الغالِبِ إنَّما هو عَدمُ العِلمِ بالمُخالِفِ.

وقد وجَدْنا من أَعيانِ العُلماءِ مَنْ صاروا إلى القَولِ بأَشياءَ، مُتمسَّكُهم فيها عَدمُ العِلمِ بالمُخالِفِ.

مع أنَّ ظاهِرَ الأدِلةِ عندَهم يَقتَضي خِلافَ ذلك.

لكنْ لا يُمكنُ للعالِمِ أنْ يَبتدئَ قَولًا لم يَعلَمْ به قائِلًا مع عِلمِه بأنَّ الناسَ قد قالوا خِلافَه، حتى إنَّ منهم مَنْ يُعلِّقُ القَولَ، فيَقولُ: «إنْ كانَ في المَسألةِ إِجماعٌ فهو أحقُّ ما يُتَّبعُ، وإلا فالقَولُ عِندي كذا وكذا».

مِثلَ مَنْ يَقولُ: «لا أَعلمُ أَحدًا أجازَ شَهادةَ العَبدِ» وقَبولُها مَحفوظٌ عن علِيٍّ، وأنَسٍ، وشُرَيحٍ وغيرِهم ، يَقولُ آخَرُ: «أجمَعوا على أنَّ المُعتَقَ بَعضُه لا يَرِثُ» وتَوريثُه مَحفوظٌ عن علِيٍّ، وابنِ مَسعودٍ وفيه حَديثٌ حَسنٌ عن النَّبيِّ (١).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (٤٨١١) وغيرُه عن ابن عبَّاسٍ عن النَّبيِّ قالَ: «المُكاتَبُ يَعتِقُ بِقَدرِ ما أدَّى ويُقامُ عليه الحَدُّ بِقَدْرِ ما عَتَقَ منه ويَرِثُ بِقَدْرِ ما عَتَقَ منه».

<<  <  ج: ص:  >  >>