والجَلدِ في الخَمرِ والقَتلِ في الرِّدةِ، وهو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ. وقالَ الحَسنُ البَصريُّ: كُلُّ ما أوجَبَ القَتلَ لا أقبَلُ فيه أقَلَّ من أربَعةٍ كالزِّنا، وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ الزِّنا مُختلِفٌ، فبَعضُه يُوجِبُ الرَّجمَ، وبَعضُه يُوجِبُ الجَلدَ، والشَّهادةُ فيهما واحِدةٌ، فوجَبَ أنْ يُخالِفَ ما عَداه فيما يُوجِبُ القَتلَ، ولا يُوجِبُه في ذلك أنْ تَكونَ البَيِّنةُ فيه واحِدةً (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: الحُدودُ والقِصاصُ لا يُقبَلُ فيها إلا شَهادةُ رَجُلَينِ إلا ما رُويَ عن عَطاءٍ وحَمادٍ أنَّهما قالا: يُقبَلُ فيه رَجلٌ وامرَأتانِ قِياسًا على الشَّهادةِ في الأَموالِ.
ولنا: أنَّ هذا ما يُحتاطُ لدَرئِه وإِسقاطِه، ولهذا يَندَرِئُ بالشُّبهاتِ ولا تَدعو الحاجةُ إلى إِثباتِه، وفي شَهادةِ النِّساءِ شُبهةٌ بدَليلِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وأنَّه لا تُقبلُ شَهادَتهنَّ وإنْ كَثُرنَ ما لم يَكنْ معَهنَّ رَجلٌ، فوجَبَ ألَّا تُقبلَ شَهادَتهنَّ فيه، ولا يَصحُّ قياسُ هذا على المالِ؛ لِما ذكَرْنا من الفَرقِ، وبهذا الذي ذكَرْنا قال سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ والشَّعبيُّ والنَّخَعيُّ وحَمادٌ والزُّهريُّ ورَبيعةُ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأبو عُبَيدٍ وأبو ثَورٍ وأَصحابُ الرأيِ، واتَّفَق هؤلاءِ وغَيرُهم على أنَّها تَثبُتُ بشَهادةِ رَجلَينِ ما خَلا الزِّنا إلا الحَسنَ؛ فإنَّه قالَ: الشَّهادةُ على القَتلِ كالشَّهادةِ على الزِّنا؛ لأنَّه يَتعلَّقُ به إِتلافُ النَّفسِ فأشبَهَ الزِّنا.
ولنا: أنَّه أحَدُ نَوعَيِ القِصاصِ فأشبَهَ القِصاصَ في الطَّرفِ، وما ذكَرَه من