للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الحَنابِلةَ قالوا: تُقبَلُ منه إذا أَداها بخَطِّه لا بإِشارَتِه لدِلالةِ الخَطِّ على الأَلفاظِ.

وأمَّا الاستِدلالُ بإِشارةِ النَّبيِّ فلا يَصحُّ؛ فإنَّ النَّبيَّ كانَ قادِرًا على الكَلامِ وعُملَ بإشارَتِه في الصَّلاةِ، ولو شهِدَ الناطِقُ بالإِيماءِ والإشارةِ لم يَصحَّ إِجماعًا، فعُلمَ أنَّ الشَّهادةَ مُفارِقةٌ لغَيرِها من الأَحكامِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى أنَّه تَصحُّ شَهادةُ الأخرَسِ إنْ فُهمَت إشارَتُه وأنَّها تَقومُ مَقامَ اللَّفظِ بالشَّهادةِ؛ لأنَّ الشَّهادةَ عِلمٌ يُؤدِّيه الشاهِدُ إلى الحاكِمِ، فإذا فُهمَ منه بطَريقٍ يُفهَمُ مِنْ مِثلِه قُبلَت، كالناطِقِ إذا أدَّاها بالصَّوتِ، ولأنَّه مَعنًى يَحتاجُ إلى النُّطقِ فيَقعُ الفَهمُ، فإذا تَعذَّرَ النُّطقُ جازَ أنْ تَقومَ الإِشارةُ مَقامَه إذا وقَعَ الفَهمُ بها، أصلُه الإِقرارُ والطَّلاقُ؛ لأنَّها تَقومُ مَقامَ نُطقِه في أَحكامِه مِنْ طَلاقِه ونِكاحِه وظِهارِه وإيلائِه، فكذلك في شَهادتِه ولأنَّ النَّبيَّ أشارَ وهو جالِسٌ في الصَّلاةِ إلى الناسِ وهُم قيامٌ أنِ اجلِسوا، فجَلَسوا (٢).


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٣/ ٣٦٩)، و «المبسوط» (١٦/ ١٣٠)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٦٨)، و «المهذب» (٢/ ٣٢٤)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٩٧)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٣٧١)، و «الإفصاح» (٢/ ٤١٦)، و «المغني» (١٠/ ١٨٥، ١٨٦)، و «الكافي» (٤/ ٥٢١)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٢٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٥٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٤٩).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٥٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٦٤، ٦٥)، رقم (١٨٢٣)، و «التاج والإكليل» (٥/ ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٦٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ١١٢)، و «المهذب» (٢/ ٣٢٤)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>