للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِلهُ الأكبَرُ، وجَعفَرًا الصادِقَ الإِلهُ الأصغَرُ، وقد قتَلَه الأميرُ عيسى بنُ موسى وصلَبَه.

ووَجهُ قَولِ قَبولِ شَهادتِهم أنَّه اختِلافٌ لم يُخرِجْهم عن الإِسلامِ، أشبَهَ الاختِلافَ في الفُروعِ، ولأنَّ فِسقَهم لا يَدلُّ على كَذِبِهم لكَونِهم ذَهَبوا إلى ذلك تَديُّنًا واعتِقادًا أنَّه الحَقُّ، ولم يَرتكِبوه عالِمينَ بتَحريمِه بخِلافِ فِسقِ الأَفعالِ (١).

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : ذهَبَ الناسُ مِنْ تَأويلِ القُرآنِ والأَحاديثِ، أو مَنْ ذهَبَ منهم، إلى أُمورٍ اختَلَفوا فيها، فتَبايَنوا فيها تَباينًا شَديدًا، واستحَلَّ فيها بعضُهم مِنْ بعضٍ ما تَطولُ حِكايتُه، وكانَ ذلك منهم مُتقادِمًا منه ما كانَ في عَهدِ السَّلفِ وبعدَهم إلى اليَومِ، فلم نَعلَمْ أحَدًا مِنْ سَلفِ هذه الأُمةِ يُقتَدى به ولا مِنْ التابِعينَ بعدَهم رَدَّ شَهادةَ أحَدٍ بتَأويلٍ، وإنْ خَطَّأه وضلَّلَه ورآه استحَلَّ فيه ما حُرِّمَ عليه، ولا رَدَّ شَهادةَ أحدٍ بشَيءٍ من التَّأويلِ كانَ له وَجهٌ يَحتمِلُه، وإنْ بلَغَ فيه استِحلالَ الدَّمِ والمالِ، أو ردَّ المُفرطَ من القَولِ، وذلك أنَّا وجَدنا الدِّماءَ أعظَمَ ما يُعصَى اللهُ تَعالى به بعدَ الشِّركِ ووَجَدنا مُتأوِّلينَ يَستحلُّونَها بوُجوهٍ، وقد رغَّبَ لهم نُظراؤُهم عنها


(١) «اختلاف العُلماء» (١/ ٢٨٦، ٢٨٧)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٣/ ٣٣٤، ٣٣٥)، و «أحكام القرآن» (٢/ ٢٣٤)، و «المبسوط» (١٦/ ١٣٢، ١٣٣)، و «الهداية» (٣/ ١٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٦٨)، و «اللباب» (٢/ ٤٥٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٧/ ١٠٨)، و «الحاوي الكبير» (١٧/ ١٦٨، ١٧٦)، و «البيان» (١٣/ ٢٨٠، ٢٨١)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٢١)، و «شرح صحيح مسلم» (٧/ ١٦٠)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٣٢٢، ٣٢٣)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>