للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: يُشتَرطُ في الشاهِدِ أنْ يَكونَ ضابِطًا غيرَ مُغفَّلٍ لعَدمِ الوُثوقِ بقَولِه إلا إذا بيَّنَ السَّببَ، كإِقرارٍ، وزَمانَه ومَكانَه، قُبلَت منه حينَئذٍ، والغَلطُ اليَسيرُ لا يَقدحُ في الشَّهادةِ؛ لأنَّ أَحدًا مِنْ الناسِ لا يَسلَمُ، فمَن غلَبَ عليه الغَلطُ والنِّسيانُ لا تُقبلُ شَهادتُه، ومَن تعادَلَ غَلطُه وضَبطُه فهو كمَن غلَبَ عليه الغَلطُ.

ويُندبُ استِفصالُ شاهِدٍ رابَ الحاكِمَ فيه أمرٌ، كأكثَرِ العَوامِّ، ولو كانوا عُدولًا؛ فإنْ لم يُفصِّلْ لزِمَه البَحثُ عن حالِه (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يُشتَرطُ في الشاهِدِ أنْ يَكونَ حافِظًا مُتيقظًا حافِظًا لمَا يَشهدُ به، فلا تُقبلُ شَهادةُ مُغفَّلٍ ولا مَعروفٍ بكَثرةِ غَلطٍ ونِسيانٍ؛ لأنَّ الثِّقةَ لا تَحصُلُ بقَولِه؛ لاحتِمالِ أنْ تَكونَ شَهادتُه ممَّا غلِطَ فيه وسَها، ولأنَّه ربَّما شهِدَ على غيرِ مَنْ استُشهِدَ عليه أو بغيرِ ما شهِدَ به أو لغيرِ مَنْ أشهَدَه.

وتُقبلُ ممَّن يَقلُّ منه الغَلطُ والسَّهوُ؛ لأنَّ أَحدًا لا يَسلَمُ من الغَلطِ مَرةً والنِّسيانِ (٢).


(١) «النجم الوهاج» (١٠/ ٣٢٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٣٨٧)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٣٥٨).
(٢) «المغني» (١٠/ ١٦٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٢٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٥٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>