للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: ١٠٦] يُوجَدُ عنه جَوابانِ:

أَحدُهما: أنَّه مَنسوخٌ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢].

والثانِي: أنَّ المُرادَ من قوله ﷿: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦] أي: من غيرِ قَبيلتِكم، وهذا لأنَّ العَداوةَ بينَ القَبائلِ في الجاهِليةِ كانَت ظاهِرةً فبيَّنَ اللهُ تَعالى أنَّه لا مُعتبَرَ بها بعدَ الإِسلامِ، وأنَّ شَهادةَ بعضِهم على بَعضٍ مَقبولةٌ.

(ألَا تَرى) أنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾ [المائدة: ١٠٦] وذلك إنَّما يَكونُ في حَقِّ المُسلِمينَ الذين يُصلُّونَ، وقد صحَّ الحَديثُ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا تُقبلُ شَهادةُ أهلِ مِلةٍ على أهلِ مِلةٍ أُخرى إلا المُسلِمينَ؛ فإنَّ شَهادتَهم مَقبولةٌ على أهلِ المِللِ كلِّها» والمَعنى الذي لأجْلِه لا تُقبلُ شَهادتُهم علينا في سائِرِ الحُقوقِ انقِطاعُ وِلايتِهم عنَّا، وهذا المَعنى مَوجودٌ في الوَصيةِ، والمَعنى الذي لأجْلِه لا تُقبلُ شَهادتُهم على وَصيةِ المُسلمِ في غيرِ حالةِ السَّفرِ مَوجودٌ في حالةِ السَّفرِ (١).


(١) «المبسوط» (٣٠/ ١٥٢، ١٥٣)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٣/ ٣٣٩، ٣٤٠)، و «أحكام القرآن» (٤/ ١٥٩، ١٦٠)، و «المدونة الكبرى» (١٣/ ١٥٦، ١٥٧)، و «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٧٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٣٤٧)، و «الأم» (٦/ ١٤١، ١٤٢)، و «الحاوي الكبير» (١٧/ ٦١)، و «البيان» (١٣/ ٢٧٧، ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>