للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوعُ الثاني: أنْ يَقتلَ ولا يأخُذَ مالًا: وهذا حُكمُه أنه يُقتلُ ولا يَصلبُ، ولا يُلتفتُ إلى عَفوِ أولياءِ القتيلِ؛ لأنَّ ذلكَ حَقُّ اللهِ تعالى، وحُدودُ اللهِ لا يَجوزُ العفوُ عنها.

النَّوعُ الثالثُ: أنْ يَأخذَ المالَ -وهو مِقدارُ النِّصابِ- ولا يَقتلَ: فحُكمُه أنه تُقطعُ يَدُه اليُمنى ورِجلُه اليُسرَى، فإنْ لم يَبلغْ ما أخَذَه نِصابًا -على الخِلافِ المُتقدمِ في السرقةِ- فلا يَتعلقُ به حُكمُ قاطعِ الطَّريقِ.

النَّوعُ الرابعُ: مَنْ أخافَ الطَّريقَ ولم يَقتلْ ولم يَأخذْ مالًا: فحُكمُه عندَ الحَنفيةِ أنه يُنفَى ويَحبسُه الإمامُ حتى يُحدِثَ تَوبةً، ويُعزَّرُ أيضًا؛ لمُباشَرتِه مُنكَرًا.

وقالَ الشافِعيةُ: عَزَّرَه الإمامُ بحَبسٍ أو غيرِه؛ لارتِكابِه مَعصيةً، وهي الحِرابةُ، لا حَدَّ فيها ولا كفَّارةَ، وهذا تَفسيرُ النفيِ في الآيةِ الكَريمةِ، وللإمامِ تَركُه إنْ رَأى في ذلكَ مَصلحةً، ولا يُقدَّرُ الحَبسُ بمُدةٍ، بل يُستدامُ حتى تَظهرَ تَوبتُه، وقيلَ: سِتةُ أشهُرٍ، وقيلَ: سَنةٌ.

وقالَ الحَنابلةُ: يَنفَوا مِنْ الأرضِ، فلا يُتركونَ يَأوُونَ إلى بَلدٍ حتى تَظهرَ تَوبتُهم، وقيلَ: التَّعزيرُ فيه بما يَردعُهم، وقيلَ: الحَبسُ في غيرِ بَلدِهم.

والدليلُ على أنها وجَبَتْ على التَّرتيبِ والتَّنويعِ على حَسبِ العُقوبةِ ما يَلي:

١ - ما رَواهُ الشافِعيُّ قالَ: أخبَرَنا إبراهيمُ عن صالِحٍ مَولى التَّوأمةِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ في قُطَّاعِ الطريقِ: «إذا قَتَلوا وأخَذُوا المالَ قُتِلوا وصُلِبوا، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>