للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]، لمَّا كانَ لكُلِّ واحدٍ منهُما قَلبٌ واحدٌ أضافَه إليها بلَفظِ الجَمعِ، كذلكَ لمَّا أضافَ الأيدِيَ إليهِما بلَفظِ الجَمعِ دَلَّ على أنَّ المُرادَ إحدَى اليَدينِ مِنْ كُلِّ واحِدٍ منهُما وهي اليُمنَى (١).

وقالَ الإمامُ أبو عُمرَ بنُ عَبدِ البَرِّ : اختَلفَ العُلماءُ مِنْ السَّلفِ والخلَفِ فيما يُقطَعُ مِنْ السارقِ إذا قُطِعتْ يَدُه اليُمنَى بسَرقةٍ يَسرقُها ثم عادَ فسَرقَ أخرى، بعدَ إجماعِهم أنَّ اليدَ اليُمنَى هي التي تُقطَعُ منه أولًا (٢).

وقالَ الإمامُ البَغويُّ : اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّ السارِقَ إذا سرَقَ أولَ مرَّةٍ تُقطَعُ يَدُه اليُمنَى، ثم إذا سَرقَ ثانيًا تُقطعُ رِجلُه اليُسرَى (٣).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعُوا على أنَّ السارقَ إذا وجَبَ عليه القَطعُ كانَ ذلكَ أولَ سَرقتِه وهو صَحيحُ الأطرافِ أنه يُبدَأُ بقَطعِ يَدِه اليُمنَى مِنْ مفصلِ الكَفِّ ثم تُحسَمُ، وأجمَعُوا على أنه إنْ عادَ فسَرقَ ثانيًا ووجَبَ عليه القَطعُ أنه تُقطَعُ رِجلُه اليُسرى، وأنها تُقطعُ مِنْ مفصلِ الكَعبِ ثم تُحسَمُ، وأجمَعُوا على أنَّ مَنْ لم يَكنْ له الطَّرَفُ المُستحَقُّ قَطعُه بحيثُ لا يَقعُ فيه قَطعٌ قُطِعَ ما بعدَه، إلا أبا حَنيفةَ فإنه قالَ: تُقطَعُ يَمينُه وإنْ كانَتْ شَلَّاءَ، وإلا الشافِعيَّ فإنه قالَ: إذا سَرقَ وكانَتْ يَمينُه شَلَّاءَ وقالَ أهلُ الخِبرةِ: «إنها إذا قُطِعتْ وحُسِمتْ رَقَأَ دَمُها» فإنها تُقطَعُ،


(١) «أحكام القرآن» (٤/ ٦٢).
(٢) «الاستذكار» (٧/ ٥٤٦).
(٣) «شرح السنة» (١٠/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>