للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسولَ اللهِ كيفَ ترَى في حَريسةِ الجَبلِ؟ فقالَ: هي ومِثلُها والنَّكَالُ، وليسَ في شَيءٍ مِنْ الماشِيةِ قَطعٌ إلا فيما آواهُ المُراحُ فبلَغَ ثَمنَ المِجَنِّ ففيهِ قَطعُ اليَدِ، وما لم يَبلغْ ثَمنَ المِجنِّ ففيهِ غَرامةُ مِثلَيهِ وجَلَداتُ نَكالٍ، قالَ: يا رَسولَ اللهِ كيفَ ترَى في الثَّمرِ المُعلَّقِ؟ قالَ: هو ومِثلُه معه والنَّكالُ، وليسَ في شيءٍ مِنْ الثَّمرِ المُعلَّقِ قَطعٌ إلا فيما آواهُ الجَرينُ، فما أُخذَ مِنْ الجَرينِ فبلَغَ ثمَنَ المِجنِّ ففيهِ القَطعُ، وما لم يَبلغْ ثَمنَ المِجنِّ ففيهِ غَرامةُ مِثلَيهِ وجَلَداتُ نَكالٍ» (١)، فأسقَطَ القَطعَ في الماشِيةِ إلا ما آواهُ المُراحُ، وهو المَكانُ الذي تَبيتُ فيه الماشِيةُ، وأسقَطَ في الثَّمرِ المُعلَّقِ إلا ما آواهُ الجَرينُ، وليسَ بينَ الحالينِ فَرقٌ، إلا أنَّ الشيءَ مُحرزٌ في أحَدِ المَوضعينِ دونَ الآخَرِ، فدَلَّ على أنَّ الحِرزَ شَرطٌ في إيجابِ القَطعِ.

ولأنَّ رُكنَ السَّرقةِ هو الأخذُ على سَبيلِ الاستِخفاءِ، والأخذُ مِنْ غيرِ حِرزٍ لا يَحتاجُ إلى الاستِخفاءِ، فلا يَتحقَّقُ رُكنُ السرقةِ، ولأنَّ القَطعَ وجَبَ لصِيانةِ الأموالِ على أربابِها قَطعًا لأطماعِ السُّرَّاقِ عن أموالِ الناسِ، والأطماعُ إنما تَميلُ إلى ما لهُ خَطرٌ في القلوبِ، وغَيرُ المُحرَّزِ لا خطَرَ له في القلوبِ عادةً، فلا تَميلُ الأطماعُ إليه، فلا حاجةَ إلى الصِّيانةِ بالقَطعِ، وبهذا لم يُقطَعْ فيما دُونَ النِّصابِ وما ليسَ بمالٍ مُتقومٍ مُحتمِلِ الادِّخارَ (٢).


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (١٧١٠)، والترمذي (١٢٨٩)، والنسائي (٤٩٥٩)، وابن ماجه (٢٥٩٦)، وأحمد (٦٦٨٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٧٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٨٤)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٨٠)، و «المهذب» (٢/ ٢٧٧)، و «البيان» (١٢/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>