للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه يُقطَعُ إنْ كانَ عليه حُليٌّ يَبلغُ النِّصابَ؛ لأنَّ قِيمةَ الحُليِّ نِصابٌ كامِلٌ لو سرَقَه وحْدَه يَلزمُه القَطعُ، فكذا معَ الصَّبيِّ، ولأنَّ المَقصودَ الحَليُّ دونَ الصَّبيِّ (١).

ولو سرَقَ صَبيًّا عَبدًا لا يَتكلَّمُ ولا يَعقلُ يُقطعُ في قَولِ أبي حَنيفةَ؛ لأنه مالٌ مِنْ كُلِّ وَجهٍ؛ لوُجودِ معنَى الماليةِ فيه على الكَمالِ ولا يَدَ له على نَفسِه، فيَتحقَّقُ رُكنُ السَّرقةِ كالبَهيمةِ، وكونُه آدَميًّا لا يَنفي كونَه مالًا، فهو آدَميٌّ مِنْ كُلِّ وَجهٍ ومالٌ مِنْ كلِّ وَجهٍ؛ لعَدمِ التنافي، فيَتعلَّقُ القَطعُ بسَرقتِه مِنْ حَيثُ إنه مالٌ لا مِنْ حَيثُ إنه آدَميٌّ، بخِلافِ العاقلِ؛ لأنَّه وإنْ كانَ مالًا مِنْ كلِّ وَجهٍ لكنَّه في يَدِ نَفسِه، فلا يُتصوَّرُ ثُبوتُ يَدِ غيرِه عليهِ؛ للتَّنافي، فلا يَتحقَّقُ فيه رُكنُ السَّرقةِ وهو الأخذُ.

ورُويَ عن أبي يُوسفَ أنه لا يُقطَعُ؛ لأنَّ العبدَ ليسَ بمالٍ مَحضٍ، بل هو مالٌ مِنْ وَجهٍ آدَميٌّ مِنْ وَجهٍ، فكانَ مَحلَّ السَّرقةِ مِنْ وَجهٍ دونَ وَجهٍ، فلا تَثبتُ المَحلِّيةُ بالشكِّ، فلا يُقطَعُ كالصبيِّ العاقلِ (٢).


(١) «المبسوط» (٩/ ١٦١)، و «تحفة الفقهاء» (٣/ ١٥٤)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٦٧)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٠٤)، و «المهذب» (٢/ ٢٨١)، و «البيان» (١٢/ ٤٦٩)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٤٨، ١٤٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٣)، و «الكافي» (٤/ ١٧٦)، و «الفروع» (٦/ ١٢٤)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٥).
(٢) «المبسوط» (٩/ ١٦١)، و «تحفة الفقهاء» (٣/ ١٥٤)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>