للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَدُّ القذفِ يَجوزُ فيه العفوُ عندَهم.

وأما الشافِعيةُ فقالَ الإمامُ ابنُ الرِّفعةِ : إذا عفَى عن حَدِّ القذفِ على مالٍ هل يَثبتُ؟ فيه وَجهانِ، المَنسوبُ إلى أبي إسحاقَ الثُّبوتُ (١).

وجاءَ في «نِهاية المُحتاجِ» للرَّمليِّ : وسُقوطُه -أي حَد القذفِ- بعَفوِه ولو على مالٍ، غيرَ أنه لا يَثبتُ المالُ -أي على القاذفِ- (٢).

وقالَ ابنُ المُلقِّنِ : فائِدةٌ: وارثُ المَقذوفِ إذا عفَى عن الحدِّ على مالٍ سقَطَ الحَدُّ في أظهَرِ الوَجهينِ، ولا يَجبُ المالُ في أظهَرِ الوجهَينِ، قالَه الحنَّاطيُّ في فَتاويهِ ومنها نَقلتُه (٣).

وأما الحَنابلةُ فقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولو صالَحَ السارقَ والزانِيَ والشاربَ بمالٍ على أنْ لا يَرفعَه إلى السُّلطانِ لم يَصحَّ الصُّلحُ لذلكَ، ولم يَجُزْ له أخذُ العوضِ، وإنْ صالَحَه عن حَدِّ القذفِ لم يَصحَّ الصلحُ؛ لأنه إنْ كانَ للهِ تعالَى لم يَكنْ له أنْ يأخُذَ عوضَه؛ لكَونِه ليسَ بحقٍّ له، فأشبَهَ حَدَّ الزنا والسَّرقةِ.

وإنْ كانَ حقًّا له لم يَجُزِ الاعتِياضُ عنه؛ لكَونِه حقًّا ليسَ بماليٍّ، ولهذا لا يَسقطُ إلى بَدلٍ، بخِلافِ القِصاصِ، ولأنه شُرعَ لتَنزيهِ العِرضِ، فلا يَجوزُ أنْ يَعْتاضَ عن عِرضِه بمالٍ (٤).


(١) «كفاية النبيه في شرح التنبيه» (١٧/ ٢٧٤).
(٢) «نهاية المحتاج» (٧/ ٥٠٤).
(٣) «عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج» (٤/ ١٦٣٢).
(٤) «المغني» (٤/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>