وأبو حَنيفةَ يَقولُ: قَذفُه لها دَعوى تُوجِبُ أحَدَ أمرَينِ: إمَّا لِعانُه وإمَّا إقرارُها، فإذا لَم يُلاعِنْ حُبِسَ حتَّى يُلاعِنَ، إلا أنْ تُقِرَّ فيَزولُ مُوجبُ الدَّعوى، وهذا بخِلافِ قَذفِ الأجنَبيِّ؛ فإنه لا حَقُّ لهُ عِنْدَ المَقذُوفةِ، فكانَ قاذِفًا مَحضًا.
والجُمهورُ يَقولونَ: بلْ قَذفُه جِنايةٌ منهُ على عِرضِها، فكانَ مُوجَبُها الحَدُّ كقَذفِ الأجنَبيِّ، ولمَّا كانَ فيهَا شائِبةُ الدَّعوى عَليها بإتلافِها لِحَقِّه وخِيانتِها فيهِ ملَكَ إسقاطَ مَا يُوجِبُه القَذفُ مِنْ الحَدِّ بلِعانِه، فإذا لَم يُلاعِنْ معَ قُدرتِه عَلى اللِّعانِ وتَمكُّنِه مِنهُ عَمِلَ مُقتضَى القَذفِ عمَلَه واستَقلَّ بإيجابِ الحَدِّ؛ إذْ لا مُعارِضَ لهُ، وباللهِ التَّوفيقُ (١).
(١) «زاد المعاد» (٥/ ٣٧٣، ٣٧٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute