للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (ومَن زَنَى مِرارًا ولم يُحَدَّ فحدٌّ واحدٌ).

وجُملَتُه أنَّ ما يُوجِبُ الحَدَّ مِنْ الزنا والسَّرقةِ والقَذفِ وشُربِ الخَمرِ إذا تكرَّرَ قبْلَ إقامةِ الحَدِّ أجزَأَ حدٌّ واحدٌ بغيرِ خلافٍ علِمْناهُ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ على هذا كلٌّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العلمِ، منهُم عطاءٌ والزُّهريُّ ومالكٌ وأبو حَنيفةَ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثورٍ وأبو يُوسفَ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ.

وإنْ أُقيمَ عليه الحدُّ ثم حدَثَتْ منه جِنايةٌ أُخرى ففِيها حدُّها، لا نَعلمُ فيه خِلافًا، وحكاهُ ابنُ المُنذرِ عمَّن يَحفظُ عنهُ.

وقد سُئلَ رسولُ اللهِ عن الأمَةِ تَزنِي قبْلَ أنْ تُحصِنَ قالَ: «إنْ زَنَتْ فاجلِدُوها، ثمَّ إنْ زَنَتْ فاجلدُوها، ثمَّ إنْ زنَتْ فاجلدُوها»، ولأنَّ تَداخُلَ الحُدودِ إنما يكونُ مع اجتماعِها، وهذا الحَدُّ الثاني وجَبَ بعدَ سُقوطِ الأولِ باستيفائِه.

وإنْ كانَتِ الحُدودُ مِنْ أجناسٍ مثلِ الزِّنا والسَّرقةِ وشُربِ الخَمرِ أُقيمَتْ كلُّها، إلا أنْ يكونَ فيها قتلٌ، فإنْ كانَ فيها قتلٌ اكتُفيَ به؛ لأنه لا حاجَةَ معه إلى الزَّجرِ بغيرِه، وقد قالَ ابنُ مَسعودٍ: «ما كانَتْ حُدودٌ فيها قتلٌ إلا أحاطَ القتلُ بذلكَ كلِّه».

وإنْ لم يَكنْ فيها قتلٌ استُوفيَتْ كلُّها، وبُدِئَ بالأخَفِّ فالأخفِّ، فيُبدأُ بالجَلدِ ثم بالقطعِ، ويُقدَّمُ الأخفُّ في الجَلدِ على الأثقَلِ، فيُبدأُ في الجَلدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>