والثَّاني: أنَّ الشهودَ على المُغيرةِ بنِ شُعبةَ بالزنا لمَّا شَهدُوا به عندَ عُمرَ ﵁ وهُمْ أبو بَكرةَ ونافعٌ وشِبلُ بنُ مَعبدٍ وزِيادٌ، فصرَّحَ بذلكَ أبو بَكرةَ ونافعٌ وشِبلٌ، فأمَّا زيادُ فقالَ له عمرُ: قلْ ما عِندكَ، وأرجُو أنْ لا يَهتكَ اللهُ صَحابيًّا على لِسانِكَ، فقالَ زِيادٌ: رأيْتُ نفَسًا تَعلُو أو اسْتًا تَنبُو ورأيْتُ رِجلاها على عُنقِه كأنَّهما أُذنَا حِمارٍ، ولا أدرِي يا أميرَ المُؤمنينَ ما وراءَ ذلكَ، فقالَ عُمرُ: اللهُ أكبَرُ»، فأسقَطَ الشهادةَ ولم يَرَها تامَّةً.
والثالِثُ: أنَّ الزنا لفظٌ مُشتركٌ، ورُويَ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ: «العَيْنانِ تَزنِيانِ وزِناهُما النَّظرُ، واليَدانِ تَزنيانِ وزِناهُما اللَّمسُ، ويُصدِّقُ ذلكَ ويُكذِّبُه الفَرجُ»، فلذلكَ لَزمَ في الشَّهادةِ نفيُ هذا الاحتمالِ بذِكرِ ما شاهَدُه مِنْ وُلوجِ الفَرجِ في الفرجِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: أنْ يَصِفُوا الزِّنا فيَقولُوا: «رَأيْنا ذكَرَه في فَرجِها كالمِرودِ في المكحلَةِ والرِّشاءِ في البئرِ»، وهذا قَولُ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ والزُّهريِّ والشافِعيِّ وأبي ثَورٍ وابنِ المُنذِرِ وأصحابِ الرأيِ؛ لِمَا رُويَ في قصَّةِ ماعِزٍ أنه لمَّا أقَرَّ عندَ النبيِّ ﷺ بالزِّنا فقالَ: «أنِكْتَها؟ فقالَ: نعَمْ، فقال: حتَّى غابَ ذلكَ منكَ في ذلكَ مِنها كما يَغيبُ المِرودُ في المكحلةِ والرِّشاء في البئرِ؟ قالَ: نعم»، وإذا اعتُبِرَ التَّصريحُ في الإقرارِ كانَ اعتبارُه في الشَّهادةِ أَولى.
(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute