وقَتلُ المَفعولِ به خيرٌ له مَنْ وَطئِه؛ فإنه إذا وَطئَه الرَّجلُ قتَلَه قَتلًا لا تُرجَى الحياةُ معه، بخِلافِ قَتلِه؛ فإنه مَظلومٌ شَهيدٌ وربَّما يَنتفعُ به في آخِرتِه.
قالوا: والدليلُ على هذا أنَّ اللهَ سُبحانَه جعَلَ حَدَّ القاتلِ إلى خِيَرةَ الوليِّ، إنْ شاءَ قتَلَ وإنْ شاءَ عفَا، وحتَّمَ قتْلَ اللُّوطيِّ حَدًّا كما أجمَعَ عليه أصحابُ رسولِ اللهِ ﷺ ودلَّتْ عليه سُنةُ رسولِ اللهِ ﷺ الصحيحةُ الصريحةُ التي لا مُعارِضَ لها، بل عليها عَملُ أصحابِه وخُلفائِه الراشِدينَ.
وقد ثبَتَ عن خالدِ بنِ الوليدِ «أنه وجَدَ في بعضِ ضَواحي العَربِ رَجلًا يُنكَحُ كما تُنكَحُ المرأةُ، فكتَبَ إلى أبي بَكرٍ الصديقِ، فاستَشارَ أبو بكرٍ الصحابةَ ﵃، فكانَ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ أشَدَّهم قَولًا فيه، فقالَ: ما فعَلَ هذا إلا أمَّةٌ مِنْ الأمَمِ واحِدةٌ، وقد عَلِمتُم ما فعَلَ اللهُ بها، أرَى أن يُحرَّقَ بالنارِ، فكتَبَ أبو بكرٍ إلى خالدٍ فحرَّقَه».
وقالَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ:«يُنظَرُ أعلَى بِناءٍ في القَريةِ فيُرمَى اللُّوطيُّ منه مُنكَبًّا ثم يُتبعُ بالحِجارةِ»، وأخَذَ عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ هذا الحَدَّ مِنْ عُقوبةِ اللهِ للُّوطيةِ قومِ لوطٍ، وابنُ عباسٍ هو الذي رَوى عن النبيِّ ﷺ:«مَنْ وجَدتُموهُ يَعملُ عمَلَ قَومِ لُوطٍ فاقتُلُوا الفاعِلَ والمَفعولَ بهِ» رواهُ أهلُ السُّننِ، وصحَّحَه ابنُ حبَّانَ وغيرُه، واحتَجَّ الإمامُ أحمَدُ بهذا الحَديثِ، وإسنادُه على شَرطِ البُخاريِّ.