للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: أنَّ مِلكَه يَزولُ عن مالِه بالرِّدةِ، فعلى هذا لا يَصحُّ تَصرفُه فيهِ؛ لما رُوِيَ أنَّ أبا بَكرٍ الصدِّيقَ وأرضاهُ قالَ لوَفدِ بزاخةَ مِنْ أسدٍ وغَطفانَ: «نَغنَمُ ما أصَبْنا منكُم، وتَردُّونَ إلينا ما أصَبتُم مِنَّا»، ولأنه عُصِمَ دَمُه ومالُه بالإسلامِ، فلمَّا ملَكَ المُسلمونَ دَمَه برِدتِه .. وجَبَ أنْ يَملِكوا مالَه بردَّتِه.

والثالِثُ -وهو الأظهَرُ والصَّحيحُ في المَذهبِ-: أنَّ مِلكَه وتصرُّفَه مَوقوفانِ، فإنْ أسلَمَ .. تَبيَّنَ أنْ مِلكَه لم يَزُلْ وتَصرَّفَه صَحيحٌ، وإنْ ماتَ على الرِّدةِ أو قُتلَ عليها .. تَبينَّا أنَّ مِلكَه زالَ بالرِّدةِ وأنَّ تَصرفَه باطلٌ؛ لأنه نَوعُ مِلكٍ للمُرتدِّ، فكانَ مَوقوفًا كمِلكِه لبُضعِ زَوجتِه.

فعلى هذا تَتوقَّفُ أملاكُه لمَوتِه، فإنْ ماتَ مُرتدًّا فقدْ زالَتْ مِلكيَّتُه عن أملاكِه، فمالُه فَيءٌ لبَيتِ المالِ، وإنْ ماتَ مُسلمًا فمالُه له.

وتَصرُّفُ المُرتدِّ بغيرِ عِوضٍ مَوقوفٌ، إنْ أسلَمَ نفَذَ وإلا فلا، وتَصرفُه بعِوضٍ كبَيعٍ وشِراءٍ باطلٌ، ويُجعلُ مالهُ عندَ عَدلٍ ليَحفظَه.

ويُفصَلُ بينَه وبينَ زوجتِه، ويُعتبَرُ عقدُ الزواجِ بينَهُما مَوقوفًا، فإنْ تابَ ورجَعَ إلى الإسلامِ خِلالَ مدَّةِ العدَّةِ عادَتْ إليه زَوجتُه بدونِ عقدٍ ولا رَجعةٍ، ويَتبيَّنُ استِمرارُ عَقدِه الأصليِّ صَحيحًا، وإنْ لم يَتبْ خلالَ مدَّةِ العِدةِ فُسخَ العقدُ، وتَبيَّنَ أنَّ فسْخَه كانَ منذُ ساعةِ ارتِدادِه، فإذَا تابَ بعدَ ذلكَ لم يَكنْ له أنْ يَعودَ إليها إلا بعَقدٍ ومَهرٍ جَديدينِ.

ويَحرمُ تَغسيلُه وتَكفينُه والصلاةُ عليهِ، ولا يُدفنُ في مَقابرِ المُسلمينَ، بل تُحفرُ له حُفرةٌ في مَكانٍ ما بَعيدًا عن مَقابرِ المُسلمينَ ويُوارَى فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>