للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ عن النبيِّ أنه قالَ: «وفي العَينِ الواحِدةِ خَمسونَ مِنْ الإبلِ» رواهُ مالكٌ في مُوطَّئِه، ولأنَّ العَينينِ مِنْ أعظَمِ الجَوارحِ نَفعًا وجَمالًا، فكانَتْ فيهما الدِّيةُ وفي إحداهُما نصفُها كاليَدينِ.

إذا ثبَتَ هذا فلا فرْقَ بينَ أنْ يَكونَا صَغيرتينِ أو كَبيرتينِ، ومَليحتَينِ أو قَبيحتينِ، أو صَحيحتينِ أو مَريضتينِ أو حَولاوَينِ أو رَمِصَتَينِ، فإنْ كانَ فيهما بَياضٌ لا يُنقِصُ البَصرَ لم تَنقصِ الدِّيةُ، وإنْ نقَصَ البَصرَ نقَصَ مِنْ الدِّيةِ بقَدرِه.

وفي ذَهابِ البَصرِ الدِّيةُ؛ لأنَّ كلَّ عُضوينِ وجَبَتِ الدِّيةُ بذهابِهما وجَبَتْ بإذهابِ نفعِهما كاليَدينِ إذا أشَلَّهما، وفي ذَهابِ بَصرِ أحدِهما نِصفُ الدِّيةِ كما لو أشَلَّ يَدًا واحِدةً، وليسَ في إذهابِهما بنَفعِها أكثَرُ مِنْ ديةٍ كاليدينِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعوا على أنَّ في العَينينِ الدِّيةَ كامِلةً … واختَلفُوا في العَينِ القائمةِ التي لا يُبصرُ بها واليَدِ الشلَّاءِ ولِسانِ الأخرَسِ والذَّكرِ الأشَلِّ والسِّنِّ السوداءِ، فقالَ مالكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ في أحَدِ قَوليهِ: فيها حُكومةٌ، وعن الشافِعيِّ قولٌ: في ذَكرِ الخَصيِّ والعنِّينِ إذا قُطعَ الدِّيةُ كامِلةً، ذكَرَه الشاشيُّ، وعن أحمَدَ رِواياتٌ: أظهَرُها: فيها ثلثُ الدِّيةِ، وعن أحمَدَ رِوايةٌ: فيها حُكومةٌ، كمَذهبِ الجَماعةِ، وعن أحمَدَ رِوايةٌ ثالثةٌ: أنَّ في ذكَرِ الخَصيِّ والعنِّينِ الدِّيةَ (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٣٤٠، ٣٤١).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٣٨، ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>