للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ الجَدُّ : ثبَتَ أنَّ رَسولَ اللهِ «قضَى في الجَنينِ يُطرَحُ مِنْ بطنِ أمِّه بغُرةٍ عَبدٍ أو وليدةٍ»، وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على الحُكمِ في ذلكَ، وأنَّ في جَنينَ الحرَّةِ المُسلمةِ أو النَّصرانيةِ مِنْ المُسلمِ والأمَةِ مِنْ سيِّدِها الحُرٍّ غُرةً عَبدٌ أو وَليدةٌ، إذا خرَجَ مِنْ بَطنِ أمِّه ميتًا وهي حيَّةٌ، ذكَرًا كانَ أو أنثى، تَمَّ خَلقُه أو لم يَتمَّ، إذا تُيقِّنَ أنه جَنينٌ، كلُّ ما تكونُ به الأمَةُ أمَّ وَلدٍ إذا أسقَطتْه مِنْ سيِّدِها يكونُ على الجاني فيه غُرةٌ عَبدٌ أو وَليدةٌ، كلٌّ على مَذهبِه في ذلكَ، هذا كلُّه لا اختِلافَ بينَ أحَدٍ مِنْ أهلِ العِلمِ فيه (١).

وقالَ الإمامُ بَدرُ الدِّينِ العينيُّ : م: (والجَنينُ الذي قد استَبانَ بَعضُ خَلقِه) ش: قيَّدَ به لأنه لو لم يَستبنْ شَيءٌ مِنْ خَلقِه لا يكونُ بمَنزلةِ الولدِ، وهو إنْ كانَ عَلقةً فلا حُكمَ لها في حقِّ هذهِ الأحكامِ، ولا يعلَمْ فيه خِلافٌ (٢).

إلا أنَّ المالِكيةَ هُنا جَعَلوا فيه غُرةً عَبدٌ أو أمَةٌ، فقالَوا: يَجبُ في الجَنينِ وإنْ عَلقةً عُشرُ أمِّه ولو أمَةً، يَعني أنَّ الجَنينَ مِنْ حيثُ هو سواءٌ كانَ مِنْ حُرةٍ أو أمَةٍ إذا انفَصلَ عن أمِّه مَيتًا -أي: غيرَ مُستهلٍّ- وهي حيةٌ فإنه يَجبُ فيه عُشرُ أمِّه -أي: عُشرُ ديَتِها، أو عُشرُ قِيمتِها إنْ كانَت أمَةً-، وسَواءٌ كانَ الجنينُ ذكَرًا أو أُنثى، ضرَبَه عَمدًا أو خطأً، كانَ الضاربُ أبًا أو غيرَه،


(١) «المقدمات الممهدات» (٣/ ٢٩٧).
(٢) «البناية شرح الهداية» (١٣/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>