واختَلفُوا مِنْ هذا البابِ في فُروعٍ، وهي العَلامةُ التي تَدلُّ على سُقوطِه حيًّا أو مَيتًا.
فذهَبَ مالِكٌ وأصحابُه إلى أنَّ عَلامةَ الحَياةِ الاستِهلالُ بالصياحِ أو البكاءِ، وقالَ الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ والثوريُّ وأكثَرُ الفُقهاءِ: كلُّ ما عُلِمتْ به الحَياةُ في العادةِ مِنْ حَركةٍ أو عُطاسٍ أو تنفُّسٍ فأحكامُه أحكامُ الحيِّ، وهو الأظهَرُ (١).
وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ ﵀: قَتلُ الجَنينِ في بَطنِ أمِّه وهو أنْ يُضربَ بَطنُ أمِّه فتُلقيهِ حيًّا ثم يَموتُ، فقالَ كافَّةُ العلماءِ: فيهِ الدِّيةُ كاملةً في الخَطأِ وفي العَمدِ بعدَ القَسامةِ، وقيلَ: بغيرِ قَسامةٍ.
واختَلفُوا فيما به تُعلَمُ حياتُه بعدَ اتفاقِهم على أنه إذا استَهلَّ صارخًا أو ارتَضعَ أو تَنفسَ نفَسًا مُحقَّقةً حيٌّ فيهِ الدِّية كامِلةً، فإنْ تحرَّكَ فقالَ الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ: الحَركةُ تَدلُّ على حياتِه، وقالَ مالكٌ: لا، إلا أنْ يُقارِنَها طُولُ إقامةٍ، والذَّكرُ والأُنثى عندَ كافةِ العُلماءِ في الحُكمِ سَواءٌ، فإنْ ألقَتْه مَيتًا ففيهِ غُرةٌ عَبدٌ أو وَليدةٌ، فإنْ لم تُلقِه وماتَتْ وهو في جَوفِها لم يَخرجْ فلا شَيءَ فيهِ، وهذا كلُّه إجماعٌ لا خِلافَ فيه.
ورُويَ عن اللَّيثِ بنِ سَعدٍ وداودَ أنهُما قالَا في المَرأةِ إذا ماتَتْ مِنْ ضَربِ بطنِها ثم خرَجَ الجنينُ ميتًا بعدَ موتِها: ففيهِ الغُرةُ، وسواءٌ رمَتْه قبلَ موتِها أو بعد موتِها، المُعتبَرُ حياةُ أمِّه في وقتَ ضربِها لا غيرُ.