قصَدَه إنسانٌ بضَررٍ فعاوَنَه وحَماهُ عنه انسَلَّتْ سَخيمةُ قَلبِه وعادَ إلى سَلامةِ الصَّدرِ والمُوالاةِ والنُّصرةِ.
والرابعُ: أنه إذا تحمَّلَ عنه جِنايتَه حمَلَ عنه القاتلُ إذا جنَى أيضًا، فلَم يَذهبْ حَملُه للجِنايةِ عنه ضَياعًا، بل كانَ له أثرٌ مَحمودٌ يَستحقُّ مِثلَه عليهِ إذا وقَعَتْ منه جِنايةٌ.
فهذهِ وُجوهٌ كلُّها مُستحسَنةٌ في العُقولِ غيرُ مَدفوعةٍ، وإنما يُؤتَى المُلحِدُ المُتعلِّقُ بمِثلِه مِنْ ضِيقِ عَطنِه وقِلةِ مَعرفتِه وإعراضِه عن النَّظرِ والفِكرِ، والحَمدُ للهِ على حُسنِ هِدايتِه وتَوفيقِه (١).
وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: وقالَ أبو بَكرٍ الأصَمُّ: يَتحملُ القاتلُ دونَ العاقِلةِ؛ لأنه لا يَجوزُ أنْ يُؤاخَذَ أحَدٌ بذَنبِ غيرِه؛ قالَ اللهُ ﷾: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾ [الأنعام: ١٦٤]، وقالَ جلَّتْ عظَمَتُه: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، ولهذا لم تَتحمَّلِ العاقِلةُ ضَمانَ الأموالِ ولا ما دُونَ نِصفِ عُشرِ الدِّيةِ، كذا هذا.
ولنا: أنه ﵊ قضَى بالغُرَّةِ على عاقِلةِ الضارِبةِ، وكذا قضَى سَيدُنا عُمرُ ﵁ بالدِّيةِ على العاقِلةِ بمَحضرٍ مِنْ الصَّحابةِ ﵃ مِنْ غيرِ نَكيرٍ.
وأما الآيةُ الشَّريفةُ فنَقولُ بمُوجَبِها، لكنْ لِمَ قُلتُم:«إنَّ الحَملَ على العاقِلةِ أخذٌ بغَيرِ ذنبِ»؟ فإنَّ حِفظَ القاتلِ واجِبٌ على عاقِلتِه، فإذا لم