للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهلِ الكَمالِ، فلا يَؤُمُّ الرِّجالَ، كالمَرأةِ، ولأنَّه لا يُؤمَنُ مِنْ الصَّبِيِّ الإخلالُ بشَرطٍ مِنْ شَرائِطِ الصَّلاةِ أوِ القِراءةِ حالَ الإسرارِ، ولأنَّ الإمامَ ضامِنٌ، كما قالَ النَّبيُّ : «الإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالمُؤذِّنُ مُؤتَمَنٌ، اللَّهمَّ أَرشِدِ الأَئِمةَ، وَاغفِر لِلمُؤذِّنِينَ» (١)، وليس هو مِنْ أهلِ الضَّمانِ، ولأنَّ صَلاةَ الصَّبِيِّ نافِلةٌ، فلا يَجوزُ بِناءُ الفَرضِ عليها.

وذَهب الشافِعيَّةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يُشترَطُ في الإمامِ البُلوغُ؛ فتَصحُّ إمامَةُ الصَّبِيِّ المُميِّزِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : كلُّ صَبيٍّ صحَّت صَلاتُه، صحَّت إمامَتُه، في غيرِ الجمُعةِ، بِلا خِلافٍ عندَنا، وفي الجمُعةِ قَولانِ: أصحُّهما: الصِّحَّةُ؛ لعُمومِ قولِ النَّبيِّ : «يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكتابِ اللَّهِ تَعالَى» (٢). والصَّبِيُّ داخِلٌ في عُمومِه، وبحَديثِ عَمرِو بنِ سَلمةَ الجَرمِيِّ، وفيه أنَّ النَّبيَّ قالَ لهم: «فإذا حَضرَتِ الصَّلاةُ فَليُؤذِّن أَحدُكم، وَليَؤُمَّكُم أَكثَرُكُم قُرآنًا»، فَنَظَرُوا، فلم يكن أَحدٌ أكثرَ قُرآنًا مِنِّي، لمَا كُنْتُ أَتَلقَّى مِنْ الرُّكبانِ، فقدَّمُونِي بينَ أَيدِيهِم وأنا ابنُ سِتٍّ، أو سَبعِ سِنِينَ (٣)؛ ولأنَّه يُؤذِّنُ لِلرِّجالِ، فجازَ أن يَؤُمَّهُم، كالبالِغِ، إلا أنَّهم قالوا: البالِغُ أولَى مِنْ الصَّبِيِّ، وإن كانَ الصَّبِيُّ أقرَأَ أو أفقَهَ؛ لِصحَّةِ الاقتِداءِ بالبالِغِ بالإجماعِ، ولهذا نُصَّ في البُوَيطِيِّ على كَراهةِ الاقتِداءِ بالصَّبِيِّ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥١٧)، وغيره.
(٢) رواه مُسلِم (٦٧٣).
(٣) رواه البُخاري (٤٠٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>