والثانيةُ: لا تَكملُ دِيتُه، وهو مَذهبُ قَتادةَ؛ لأنَّ مَنفعتَه الإنزالُ والإحبالُ والجِماعُ، وقد عُدمَ ذلكَ منه في حالِ الكَمالِ، فلَم تَكملْ دِيتُه كالأشَلِّ، وبهذا فارَقَ ذكَرَ الصبيِّ والشيخِ.
واختَلفَتِ الرِّوايةُ في ذَكرِ الخَصيِّ، فعَنه: فيه دِيةٌ كامِلةٌ، وهو قولُ سَعيدِ بنِ عبدِ العَزيزِ والشافِعيِّ وابنِ المُنذرِ؛ للخبَرِ، ولأنَّ مَنفعةَ الذَّكرِ الجِماعُ، وهو باقٍ فيه.
والثانيةُ: لا تَجبُ فيه، وهو قَولُ مالكٍ والثوريِّ وأصحابِ الرأيِ وقَتادةَ وإسحاقَ؛ لِما ذكَرْنا في ذَكرِ العِنينِ، ولأنَّ المَقصودَ منه تَحصيلُ النَّسلِ، ولا يُوجدُ ذلكَ منهُ، فلَم تَكملْ دِيتُه كالأشَلِّ، والجِماعُ يَذهبُ في الغالبِ؛ بدَليلِ أنَّ البَهائمَ يَذهبُ جِماعُها بخِصائِها.
والفرقُ بينَ ذَكرِ العِنينِ وذَكرِ الخَصيِّ أنَّ الجِماعَ في ذَكرِ العِنينِ أبعَدُ منه في ذَكرِ الخَصيِّ، واليأسُ مِنْ الإنزالِ مُتحقِّقٌ في ذَكرِ الخَصيِّ دون ذَكرِ العِنينِ، فعلى قَولِنا: «لا تَكملُ الديَةُ في ذَكرِ الخَصيِّ» إنْ قطَعَ الذَّكرَ والأنثَيينِ دفعةً واحِدةً أو قطَعَ الذَّكرَ ثم قطَعَ الأنثَيينِ لَزمتْه دِيتانِ، فإنْ قطَعَ الأنثَيينِ ثم قطَعَ الذَّكرَ لم يَلزمْه إلا دِيةٌ واحِدةٌ في الأنثَيينِ وفي الذَّكرِ حُكومةٌ؛ لأنه ذكَرُ خَصيٍّ، قالَ القاضي: ونَصَّ أحمَدُ على هذا، وإنْ قطَعَ نِصفَ الذَّكرِ بالطُّولِ ففيهِ نصفُ الديَةِ، ذكَرَه أصحابُنا، والأَولى أنْ تَجبَ الديةُ كامِلةً؛ لأنه ذهَبَ بمَنفعةِ الجِماعِ به، فكَمُلتْ دِيتُه كما لو أشَلَّه أو كسَرَ صُلبَه فذهَبَ جِماعُه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute