للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقطعونَ يَدَ المَرأةِ بيَدِ الرجلِ، ولا يَدَ الحُرِّ بالعَبدِ، وإنْ جَرَى القِصاصُ بينَهُما في النفسِ.

وقالَ ابنُ المُنذرِ: ولمَّا أجمَعُوا أنَّ نفْسَه بنَفسِها، وهي أكبَرُ الأشياءِ، واختَلفُوا فيما دُونَ ذلكَ كانَ ما اختَلفُوا فيه مَردودًا إلى ما أجمَعُوا عليهِ؛ لأنَّ الشيءَ إذا ما أُبيحَ منه الكَثيرُ كانَ القَليلُ أَولى (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما قَتلُ الذَّكرِ بالأُنثى فإنَّ ابنَ المُنذرِ وغيرَه ممَّن ذكَرَ الخلافَ حَكَى أنه إجماعٌ، إلا ما حُكيَ عن عليٍّ مِنْ الصحابةِ وعن عُثمانَ البتيِّ أنه إذا قُتلَ الرَّجلُ بالمَرأةِ كانَ على أولياءِ المَرأةِ نِصفُ الدِّيةِ.

وحكَى القاضي أبو الوليدِ الباجيُّ في «المُنتقَى» عن الحسَنِ البَصريِّ أنه لا يُقتلُ الذَّكرُ بالأنثى، وحَكاهُ الخطَّابيُّ في «مَعالِم السُّننِ»، وهو شَاذٌّ ولكنَّ دَليلَه قَويُّ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ [البقرة: ١٧٨]، وإنْ كانَ يُعارِضُ دَليلَ الخِطابِ هَهُنا العُمومُ الذي في قَولِه تعالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، لكنْ يَدخلُه أنَّ هذا الخِطابَ وارِدٌ في غيرِ شَريعتِنا، وهي مَسألةٌ مُختلَفٌ فيها، أعنِي: هل شَرعُ مَنْ قَبلَنا شَرعٌ لنا أم لا؟ والاعتِمادُ في قَتلِ الرَّجلِ بالمَرأةِ هو النَّظرُ إلى المَصلحةِ العامَّةِ (٢).


(١) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥١٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>