للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يَكونَ الحاكمُ قد حكَمَ بالعَفوِ أو لم يَحكمْ به؛ لأنَّ الشُّبهةَ مَوجودةٌ مع انتفاءِ العِلمِ مَعدومةٌ عندَ وُجودِه.

وقالَ الشافِعيُّ: متَى قتَلَه بعدَ حُكمِ الحاكِمِ لَزمَه القِصاصُ، عَلِمَ بالعَفوِ أو لم يَعلمْ، وقد بيَّنَّا الفرقَ بينَهُما.

ومتَى حكَمْنا عليهِ بوُجوبِ الدِّيةِ إما لكَونِه مَعذورًا وإما للعفوِ عن القِصاصِ فإنه يَسقطُ عنه منها ما قابَلَ حقَّه على القاتِلِ قِصاصًا، ويَجبُ عليهِ الباقي، فإنْ كانَ الوليُّ عفَا إلى غيرِ مالٍ فالواجِبُ لوَرثةِ القاتلِ ولا شَيءَ عليهِم، وإنْ كانَ عفَا إلى الدِّيةِ فالواجِبُ لوَرثةِ القاتلِ وعليهِم نَصيبُ العافي مِنْ الدِّيةِ، وقيلَ فيه: «إنَّ حَقَّ العافي مِنْ الديةِ على القاتلِ» لا يَصحُّ؛ لأنَّ الحَقَّ لم يَبْقَ مُتعلِّقًا بعينِه، وإنما الديةُ واجبةٌ في ذمَّتِه، فلمْ تَنتقلْ إلى القاتلِ كما لو قتَلَ غَريمَه.

فَصلٌ: فإنْ كانَ القاتلُ هو العافي فعَليهِ القِصاصُ، سَواءٌ عَفَا مُطلقًا أو إلى مالٍ، وبهذا قالَ عِكرمةُ والثَّوريُّ ومالِكٌ والشافِعيُّ وابنُ المُنذرِ، ورُويَ عن الحَسنِ: تُؤخذُ منه الدِّيةُ ولا يُقتلُ.

وقالَ عُمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ: الحُكمُ فيه إلى السُّلطانِ.

ولنا: قولُه تعالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)[البقرة: ١٧٨]، قالَ ابنُ عبَّاسٍ وعَطاءٌ والحَسنُ وقَتادةُ في تَفسيرِها: أي بعدَ أخذِه الديةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>