للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا صِفةُ الَّذي يَجبُ بهِ القِصاصُ فاتَّفقوا على أنَّه العَمدُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيتَميُّ : ولا قِصاصَ إلَّا في العَمدِ … إجماعًا، بخِلافِ الخَطأِ … وشِبهِ العَمدِ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ القودَ لا يَجبُ إلا بالعَمدِ، ولا نَعلمْ بينَهُم في وُجوبِه بالقَتلِ العَمدِ إذا اجتَمعَتْ شُروطُه خِلافًا (٣).

وقد دلَّتِ الآياتُ والأخبارُ بعُمومِها على القِصاصِ في العَمدِ، فمِن ذلكَ:

قولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣].

وقالَ تعالَى: ﴿عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨].

وقالَ تعالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]، يُريدُ أنَّ وُجوبَ القِصاصِ يَمنعُ مَنْ يُريدُ القَتلَ منه شَفقةً على نَفسِه مِنْ القَتلِ، فتَبقَى الحياةُ فيمَن أُريدَ قتلُه.

وقيلَ: إنَّ القاتلَ تَنعقدُ العَداوةُ بينَه وبينَ قَبيلةِ المَقتولِ، فيُريدُ قتْلَهم خَوفًا منهُم، ويُريدونَ قتْلَه وقتْلَ قَبيلتِه استيفاءً، ففي الاقتِصاصِ منه بحُكمِ الشرعِ قَطعٌ لسَببِ الهلاكِ بينَ القَبيلتينِ.


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٩٧).
(٢) «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٨٦).
(٣) «المغني» (٨/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>