للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَزمَ الآخرَ نِصفُ الديَةِ مخفَّفةً إذا كانَا اثنَينِ، فإنْ كانُوا ثَلاثةً فأكثرَ فقالَ واحِدٌ منهُم: «عَمدْنا» وقالَ آخَرُ: «أخطَأْنا» فلا قوَدَ، وعلى مَنْ قالَ: «عَمدْنا» حصَّتُه مِنْ الدِّيةِ المغلَّظةِ، والآخَر حِصتُه مِنْ الديةِ المخفَّفةِ، ولو قالَ: «عَمدْنا الإشهادَ دونَ القَتلِ» فالديةُ، وإنْ قالَا: «أخطَأْنا» فعَليهِما الديةُ مُخفَّفةً (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه إذا شَهدَ شاهِدانِ على رَجلٍ بقَتلٍ عَمدًا وقُبلَتْ شَهادتُهما ثم رجَعَا فعَليهِما الديَةُ في مالِهما؛ لأنَّ الشاهدَ سَببٌ للقَتلِ، والسببُ لا يُوجبُ القِصاصَ كحَفرِ البئرِ؛ وهذا لأنه يُعتبَرُ في القصاصِ المُساواةُ، ولا مُساواةَ بينَ السَّببِ والمُباشَرةِ.

فإذا لم يَجبِ القَودُ عَليهِما كانَ عليهِما الديَةُ في مالِهما إنْ رجَعَا؛ لأنَّ الشَّهادةَ منهُما بمَنزلةِ الإقرارِ منهُما بالإتلافِ، والعاقِلةُ لا تَعقلُ الإقرارَ.

وإنْ رجَعَ أحَدُهما فعَليهِ نِصفُ الديةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهُما سَببٌ لإتلافِ نصفِ النفسِ.

فإنْ رجَعَ الوليُّ معَهُما أو جاءَ المَشهودُ بقَتلِه حيًّا فلوليِّ المَقتولِ الخيارُ بينَ أنْ يُضمِّنَ الشاهدَينِ الديَةَ وبينَ أنْ يُضمِّنَ القاتلَ؛ لأنَّ القاتلَ مُتلِفٌ للنفسِ حَقيقةً والشُّهودَ مُتلِفونَ له حُكمًا، والإتلافُ الحُكميُّ في


(١) «المغني» (٨/ ٢١٣)، و «الكافي» (٤/ ١٨)، و «المبدع» (٨/ ٢٤٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٠١، ٦٠٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١١، ١٢)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ١١، ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>