الدِّيةَ في أموالِهما، وقد قيلَ: إنها دِيةٌ في أموالِهما على كُلِّ حالٍ ولا قِصاصَ، والأولُ أصَحُّ وبه يَقولُ أشهَبُ، فإنْ رجَعَ أحدُ الشُّهودِ الأربَعةِ في الزِّنى قبلَ أنْ يَقضيَ القاضي بشِهادتِهم حُدُّوا كلُّهم حَدَّ القَذفِ ولم يُقَمْ حَدُّ الزنى، وقد قيلَ: يُحَدُّ الراجعُ خاصَّةً، فإنْ رجَعَ أحَدُهم بعدَ الرَّجمِ غَرمَ رُبعَ الديَةِ، وإنْ رجَعَ الثاني غَرمَ نِصفَ الديَةِ، وهكذا على الحِسابِ أبدًا، ويُحَدُّونَ حدَّ الفِريةِ ولا يُحَدُّ قاذِفُهم، ولو كانَ الشُّهودُ على الزِّنى أكثَرَ مِنْ أربَعةٍ فرجَعَ بَعضُهم وبَقيَ مَنْ تَتمُّ به الشهادةُ فلا غُرمَ على مَنْ رجَعَ، وكلُّ مَنْ أتلَفَ بشَهادتِه شَيئًا مِنْ الأموالِ ثم رجَعَ عن شَهادتِه ضَمِنَ ما أتلَفَ، وإنْ كانَ شاهِدًا واحِدًا مع يَمينٍ ضَمنَ نِصفَ المُتلَفِ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: إذا شَهِدوا على رَجلٍ بما يُوجِبُ قتْلَه قِصاصًا أو برِدَّةٍ أو زِنًى وهو مُحصَنٌ فحكَمَ القاضي بشَهادتِهم وقتَلَه بمُقتَضاها ثم رجَعُوا وقالُوا: «تَعمَّدْنا وعَلِمْنا أنه يُقتلُ بشَهادتِنا» لَزمَهم القِصاصُ، ولو شَهِدوا بما يُوجبُ القَطعَ قِصاصًا أو في سَرقةٍ فقُطعَ ثم رجَعُوا وقالُوا:«تَعمَّدْنا» لَزمَهم القَطعُ، وإنْ سَرَى فعَليهِم القِصاصُ في النفسِ.
وإنما يَجبُ القصاصُ على الشُّهودِ بالرُّجوعِ، واعتِرافُهم بالتعمُّدِ لا بكَذبِهم، حتى لو تَيقَّنَّا كَذبَهم بأنْ شاهَدْنا المَشهودَ بقَتلِه حيًّا فلا قِصاصَ عليهِم؛ لاحتِمالِ أنهُم لم يَتعمَّدُوا، ولا يَلزمُهم القِصاصُ بالرُّجوعِ إلا إذا أخرَجَتْ شَهادتُهم مُباشَرةَ الوليِّ عن كَونِها عُدوانًا، أما إذا اعتَرفَ الوليُّ