للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دامَ على الخَنقِ بمِقدارِ ما يَموتُ منه الإنسانُ غالبًا يَجبُ القِصاصُ عندَهُما، وإلَّا فلا إجماعًا (١).

وقالَ المالِكيةُ: مَنْ خنَقَ غيرَه أو عصَرَ الأُنثَيينِ حتى ماتَ اقتُصَّ منه (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ خنَقَه بيَدِه أو بحَبلٍ أو وضَعَ يَدَه على فيهِ ومنَعَه التنفُّسَ أو طرَحَ على وَجهِه مِخدةً أو مِنديلًا واتَّكأَ عليهِ حتى ماتَ فإنْ فعَلَ ذلكَ مُدةً يَموتُ المَخنوقُ مِنْ مثلِها غالبًا .. وجَبَ على قاتِلِه القَودُ؛ لأنه تَعمدَ قتْلَه بما يَقتلُ مثلَه غالبًا، وإنْ كانَ في مدَّةٍ يَجوزُ أنْ يَموتَ مثلُه في مثلِها ويَجوزُ أنْ لا يَموتَ والغالِبُ أنه لا يَموتُ .. لم يَجبْ عليهِ القَودُ، وعليهِ دِيةٌ مُغلَّظةٌ؛ لأنَّ فِعلَه عَمدُ خَطأٍ.

وإنْ خنَقَه خَنقًا يَموتُ مِثلُه مِنْ مِثلِه ثمَّ أرسَلَه حَيًّا ثمَّ ماتَ فإن كانَ قد أورَثَه الخَنقُ شَيئًا حتى لا يَخرجَ نَفَسُه أو بَقيَ مُتألِّمًا إلى أنْ ماتَ .. وجَبَ على الخانقِ القَودُ؛ لأنه ماتَ بسِرايةِ فِعلِه.

وإنْ خنَقَه وأرسَلَه حيًّا لا يَتألمُ ولا به ضنًى فصبَرَ فبَرأَ وصَحَّ ثم ماتَ .. فلا يَجبُ قَودٌ على الخانقِ ولا دِيةٌ؛ لأنه ماتَ بسَببٍ آخَرَ، كما لو جرَحَه فاندَملَ جُرحُه ثم ماتَ.


(١) «تبيين الحقائق» (٦/ ١٠١)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٣٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥٤٣)، و «معين الحكام» ص (١٨١).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ٢٢٢)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٢٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>