للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ الحَنفيةُ: الجِنايةُ شَرعًا: عِبارةٌ عن فِعلٍ مُحرَّمٍ واقِعٍ في النُّفوسِ-ويُسمَّى قَتلًا- والأطرافِ -ويُسمَّى قَطعًا أو جَرحًا-.

ويُقالَ: الجِنايةُ ما يَفعلُه الإنسانُ بغَيرِه أو بمالِ غَيرِه على وَجهِ التَّعدِّي، وهي تَعُمُّ الأنفُسَ والأطرافَ والأموالَ، إلَّا أنَّ اسمَها اختَصَّ بالأنفُسِ في تَعارُفِ أهلِ الشَّرعِ، ولهذا سمَّى الفُقهاءُ التَّعدِّيَ في الأنفُسِ جِنايةً، والتَّعدِّيَ في الأموالِ غَصبًا وإتلافًا.

والمُرادُ بالعُدوانِ على النَّفسِ القَتلُ، سَواءٌ كانَ عَمدًا أو خَطأً، وبالعُدوانِ على الأطرافِ قَطعُ اليدِ أو الرِّجلِ أو فَقأُ العَينِ مَثلًا (١).

وقالَ الحَنابلةُ: هيَ كلُّ فِعلِ عُدوانٍ على نَفسٍ أو مالٍ، لكنَّها في العُرفِ مَخصوصةٌ بما يَحصلُ فيه التَّعدِّي على الأبدانِ بما يُوجِبُ قِصاصًا أو نحوَه، وسَمَّوا الجِنايةَ على الأموالِ غَصبًا ونَهبًا وسَرقةً وإتلافًا (٢).

ويُسمِّي بعضُ الفُقهاءِ كِتابَ الجِناياتِ بكِتابِ القِصاصِ وكِتابِ الدِّماءِ وكِتابِ الجِراحِ؛ تَغليبًا؛ لأنَّ الجِراحةَ أغلَبُ طُرقِ القَتلِ (٣).

نُبيِّنُ في هذا البابِ أحكامَ الجِنايةِ على النَّفسِ أو على ما دُونَها مِنْ طَرفٍ أو غَيرِه كمُوضِحةٍ عَمدًا أو خَطأً، وما يَتعلَّقُ بذلكَ مِنْ قِصاصٍ وغَيرِه.


(١) «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٢)، و «الاختيار» (٥/ ٢٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٧٠)، و «اللباب» (٢/ ٢٣٥).
(٢) «المبدع» (٨/ ٢٤٠)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٢١٧).
(٣) «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>